لأخيه فخر الأعاظم (١)(٢) إلاّ أنّه قد مرّ في محلّه سقوطه ؛ إذ الواجب النفسي أو الغيري ليس مجرّد الاصطلاح والتعبير بل المناط فيه هو المصلحة الواقعية ، فلو كان الفحص ذا مصلحة واقعية في حدّ ذاته وفي مرتبة هويّته ، فهو واجب نفسي ولو لم يكن كذلك بل مصلحة وجوبه في غيره ، فهو واجب غيري ، فليس الأمر بيدنا حتّى نفرض وجوبه النفسي قبل الفحص والوقت ، ووجوبه (٣) الغيري بعده كما لا يخفى.
وإمّا أن يقول بأنّ الجهل بالتكليف مع عدم التمكّن يمنع من التكليف ولو عند العلم الإجمالي ، فالحاكم بيننا وبينه هي الأدلّة السابقة من عموم لزوم الإطاعة عقلا ، فكما أنّ العقل يحكم بلزوم الامتثال عند العلم التفصيلي ، فكذا يحكم به عند العلم الإجمالي وإن كان الخطاب مجهولا ؛ إذ لا تأثير فيه وعليه سيرة العقلاء في كلّ الأزمنة في جميع الأمكنة.
فإن قلت : مرجع النزاع عند التحقيق على ما قرّرت إلى أنّ شرط التكليف هل هو العلم التفصيلي ، أو لا؟ فالقائل بالبراءة يدّعي الاشتراط ، ومدّعي الاحتياط يقول
__________________
المظنون وجوبه دون نفس العلم أو الظنّ ، ولهذا لا يعاقب تارك الواجب على ترك تحصيل العلم أو الظنّ به أيضا.
(١) في هامش « م » : صاحب الفصول تبعا للشيخ المحشّي أخيه المحقّق.
(٢) هداية المسترشدين : ٢١٨ في بحث هل يتصوّر وجوب المقدّمة قبل وجوب ذيها؟ حيث قال : ثمّ إنّ ما ذكرناه إنّما هو بالنظر إلى دلالة الأمر الذي يتعلّق بذي المقدّمة ، وأمّا لو قام هناك أمر من الخارج على وجوب الإتيان بالمقدّمة قبل وجوب الفعل لأن يتمكّن من فعل المأمور به عند تعلّق الوجوب به ، فلا مانع منه أصلا كما قرّرناه ، ولا فرق حينئذ أيضا بين الصور المذكورة لكن في عدّ ذلك حينئذ من الوجوب الغيري تأمّل أشرنا إليه ، ولا يبعد إدراجه في الوجوب النفسي وإن كان الأمر به لإحراز مصلحة حاصلة بفعل غيره. انتهى كلامه.
أقول : وبما أنّ التعلّم تعلّق به أمر من الخارج ، فيندرج في الوجوب النفسي.
(٣) « س » : فوجوبه!