الاشتغال وبقائه ، والأصل يقضي ببقائه (١).
وفيه أوّلا : أنّه لا يخلو عن نوع مصادرة لو أريد استصحاب التكليف بنفس الواقع المجهول ، وغير مفيد لو أريد استصحاب غيره ؛ إذ المفروض إتيانه بأحد المحتملين ، فانقطع الاستصحاب ، وإن أريد استصحاب الأمر المردّد بين الواقع وغيره ، فهو من فروع المسألة وسيجيء الجواب عنه.
وثانيا : أنّك قد عرفت فيما تقدّم في أوائل المبحث عدم جواز التعويل على الاستصحاب في مثل المقام.
وتوضيحه يحتاج إلى رسم مقدّمة وهي أنّه لا شكّ في أنّ مورد الاستصحاب لا بدّ له من أن يكون هناك يقين سابق (٢) ، ثمّ شكّ لاحق له ، فمن حيث ثبوت المتيقّن في السابق بعد الشكّ يحكم (٣) ببقائه ليترتّب عليه أحكامه ، فعلى هذا لا معنى للاستصحاب إلاّ ترتيب آثار المتيقّن على المشكوك حال الشكّ من حيث ثبوته في الزمن السابق ، فلو فرض انتفاء الشكّ في اللاحق ، فلا مجرى للاستصحاب إلاّ على وجه تقديري على تقدير ، كما أنّه لو فرض عدم ترتّب الأحكام المطلوبة على المشكوك ، فلا جدوى للاستصحاب (٤) بل لا يعقل له معنى ؛ إذ المتيقّن بحسب الواقع مشكوك ، فلا معنى للحكم ببقائه وعدم نقضه إلاّ الأخذ بأحكامه ، فعند عدم ترتّب الأحكام عليه يبقى الاستصحاب بلا محصّل كما لا يخفى.
وإذ قد تقرّر هذه (٥) ، فنقول : إنّ الحاكم (٦) بإتيان الفرد المحتمل هو العقل إذ بعد العلم بالتكليف ، فهو حامل على الامتثال وهو موجود في الأثناء ، فالمكلّف بملاحظة حكم
__________________
(١) استدل به في ضوابط الأصول : ٣٨٠.
(٢) « م » : من سابق.
(٣) « م » : نحكم.
(٤) سقط قوله : « إلاّ على وجه تقديري » إلى هنا من نسخة « س ».
(٥) « ج ، م » : هذا.
(٦) « س » : الحكم!