الصورتين إلاّ فيما لا يجدي في صدق المخالفة والمعصية ؛ إذ من المعلوم إجمالا تعلّق التكليف بأحدهما جزما ، وكون العلم الإجمالي دائرا بين أمرين يجمعهما عنوان تفصيلي ، أو دائرا بين أمرين ليس كذلك ممّا لا دخل له في المقام أبدا ، حيث إنّ الكلام هو أنّ المكلّف لا يعلم أنّ الخطاب المتوجّه إليه في يوم الجمعة هل هو قوله : « صلّ الظهر » أو « صلّ الجمعة » ولمّا فرض أنّهما فردان من كلّي الصلاة ، فقد يتخيّل أنّ القدر المشترك فيهما معلوم تفصيلا ، وإلاّ ففي الحقيقة قد يمكن منع تحقّق الفرق بينهما ، وعلى تقديره أيضا فقد عرفت أنّ العقل لا يفرق بينهما بعد صدق المخالفة ، أو يفصل بين ما كان جنس (١) التكليف معلوما فيحكم بعدم جواز المخالفة القطعية ، وبين ما لم يكن جنس (٢) التكليف كما إذا علم إجمالا بوجوب شيء ، أو حرمة شيء آخر ، فيحكم بالجواز نظرا إلى عدم معلومية الخطاب جنسا وشخصا ، فيعمل بالبراءة مثلا ، أو يفصل بين ما إذا كان مريدا للمخالفة ابتداء وبين ما إذا اتّفق فعل أحدهما ، ثمّ بدا له فعل الآخر نظرا إلى عدم القصد (٣) في الثاني بخلاف الأوّل؟ وجوه :
قال الأستاذ ـ دام علاه في فلك المعالي ـ : والإنصاف : أنّ العقل لم نجد منه الحكم بعدم جواز المخالفة القطعية في المردّد بين أمرين لا يجمعهما الخطاب التفصيلي كما في الشبهة الغير المحصورة ، لا يحكم العقل بلزوم الاجتناب لبعد الأطراف عن نظر العقل.
قلت : قد تقدّم في الأصل السابق في الشبهة المحصورة في مقام الردّ على المحدّث البحراني عدم تفاوت حكم العقل بين المجتمع في الجنس الواحد والمختلف فيه في مقام الموافقة القطعية ، فكيف بجواز (٤) المخالفة القطعية ، فمناط حكم العقل هو العلم بالمحبوبية والمبغوضية وهو حاصل في المقامين من غير فرق في ذلك ، فالتوقّف في أحدهما يلازم التوقّف في الآخر ، فتدبّر تكن على بصيرة من الأمر.
__________________
(١) في النسخ : حسن ، وهو تصحيف.
(٢) في النسخ : حسن ، وهو تصحيف.
(٣) « ج » : التفصيل!
(٤) « ج » : يجوز.