طرحنا الخصوصيات ، لا يلزم منه طرح أمر معلوم شرعا تفصيلا ، غاية ما يلزم فيه طرح خطاب انتزاعي وهو الخطاب بـ « أحدهما » كما إذا علم إجمالا إمّا (١) بوجوب الدعاء عند رؤية الهلال ، أو بوجوب الجمرة (٢) في الحجّ ، أو بوجوب المضاجعة مثلا ، فإنّ من طرح الخصوصيات ، لا يلزم طرح خطاب شرعي إلاّ ما ينزعه العقل من وجوب أحدها ، فمصبّ العلم الإجمالي هو تمام الخصوصية والطبيعة ، ونظيره الأخبار التي لا تجتمع (٣) في مضمون على وجه لو تعدّدت لتواترت كما لا يخفى.
الثالثة : أن يكون العلم الإجمالي حاصلا بين وجوب شيء وحرمة الآخر كما إذا علم إجمالا بوجوب غسل الجمعة ، أو حرمة الاستقبال عند التخلية.
ولك أن تقول : إنّ المكلّف إمّا أن (٤) يعلم جنس الخطاب ، أو لا يعلم ، فلا يدري أنّ تكليفه هل هو الأمر ، أو النهي؟ وعلى التقديرين ، فإمّا أن (٥) يعلم بأمرين يجمعهما خطاب تفصيلي ، أو لا يعلم بهما بل علمه الإجمالي دائر بين أمرين في مسألتين.
لا شكّ في لزوم امتثاله في الصورة التي يجمعهما عنوان تفصيلي كما يحكم به العقل السليم الخالي عن شوائب الوهم (٦) على ما عرفت فيما تقدّم بصدق العصيان الموجب إلى وصول النيران أعاذنا الله منها وجميع الإخوان.
وأمّا في غيرها من الصور ، ففي جواز المخالفة القطعية مطلقا نظرا إلى أنّ المردّد بين الحجّ والمضاجعة مثلا ، أو بين الدعاء عند الرؤية والجمرة لم يقع في تلو الخطابات الشرعية ، فلا يلزم من مخالفة العلم الإجمالي في المقام مخالفة خطاب تفصيلي حتّى يلزم العقاب والمعصية فإنّ العلم الإجمالي حصل بينهما اتّفاقا ، فكلّ من الخصوصيتين مشكوك صرفا ، فيجري فيها البراءة ؛ أو عدم جوازه كذلك نظرا إلى عدم الفرق بين
__________________
(١) « س » : ـ إمّا.
(٢) « س ، ج » : العمرة؟
(٣) في النسخ : لا يجتمع.
(٤) « ج ، م » : ـ أن.
(٥) « ج ، م » : ـ أن.
(٦) « م » : التوهّم. « ج » : توهم.