اللفظ مجملا فيجديه أيضا ، والقائل بالصحيح لو قال بالبراءة كما هو المشهور ، فيبني عليها ، ولو قال بالاحتياط ، فكذلك ، وبعد ما عرفت من التوضيح ظهر لك فساد الوهم ، ولعلّه سرى الوهم من أنّ بعض أفاضل متأخّري المتأخّرين (١) بعد ما عنون المسألة اختار القول بالصحيح ، وحيث كان مختاره في المسألة الثانية أيضا هو (٢) الاحتياط ، أطلق القول بوجوب الاشتغال ، فتوهّم (٣) منه بعض من لا تحقيق له أنّ القول بالاحتياط يلازم القول بالصحيح ، والقول بالأعمّ يلازم القول بالبراءة ، وظهر لك أنّ ثمرة النزاع في المسألة الأولى إنّما هو مجرّد الأخذ بالإطلاق.
ثمّ إنّه قد يكون منشأ الشكّ هو تعارض النصّين ، وبيانه موكول إلى مسألة التعادل والتراجيح ، وحاصل القول فيه التخيير كما ستعرف.
ثمّ إنّه لا يخفى أنّ الأصل في المسألة مع القول بالاحتياط لما عرفت في أوّل أصول
__________________
(١) قال الآشتياني في بحر الفوائد ٢ : ١٦٩ : والحاصل أنّا لم نجد في كلام الكلّ بل ولا الأكثرين تفريع الثمرة المذكورة وإنّما ذكره غير واحد ممّن تأخّر تبعا لما أفاده الفريد البهبهاني قدسسره في فوائده ، وردّه جماعة من المتأخّرين حتّى بعض تلامذته مثل المحقّق القمّي قدسسره في القوانين ومنعوا من لزوم الاحتياط على القول بالوضع للصحيح ، وقد وجّه شيخنا الأستاد العلاّمة ما أفاده الفريد البهبهاني قدسسره في المقام بأنّ غرضه ليس بيان الثمرة للمسألة وأنّ كلّ من قال بالوضع للصحيح يقول بالاشتغال أو يلزمه القول به بل بيان الثمرة على ما اختاره من الرجوع إلى الاحتياط في ماهيّات العبادات المردّدة بل ربما يتطرّق هذا التوجيه في كلام من تبعه في ذكر الثمرة المذكورة للمسألة كيف والمشهور مع قولهم بالوضع للصحيح قد ملئوا طواميرهم من إجراء أصالة البراءة عند الشكّ في الجزئية والشرطية ولا يظنّ اشتباه مثل هذا الأمر الواضح المبيّن على مثل هؤلاء الأعلام ، فغرضه أنّ القول بالصحيح ينفع الاشتغاليين لا أنّ كلّ من قال بالصحيح يلزمه القول بالاشتغال فضلا عن أن يقول به هذا ، ولكنّك خبير بأنّ هذا التوجيه وإن كان حسنا ينبغي إرادته إلاّ أنّ كلامهم يأبى عن إرادته سيّما بملاحظة ما ذكروه من أنّ لازم القول بالأعمّ عدم وجوب الاحتياط بل في كلام بعضهم أنّ لازمه الرجوع إلى البراءة فراجع إلى كلماتهم.
(٢) « س » : ـ هو.
(٣) « ج » : فيتوهّم.