شيء غير معلوم الوجوب سواء كان العقاب من لوازمه ، أو آثاره ، وهذا يكفي في المقام.
على أنّ لنا أن نقول : الأصل براءة الذمّة عن الأكثر أيضا ، فيتمّ المطلوب.
فإن قلت : كما أنّ الأصل براءة الذمّة عن الأكثر ، فالأصل براءة الذمّة عن الأقلّ ؛ إذ المفروض دوران الأمر بين أن يكون الواجب النفسي هو الأكثر ، أو الأقلّ ، والأقلّ بهذا العنوان غير معلوم ، غاية الأمر معلومية الأقلّ لا بشرط (١) ، والعلم الإجمالي إنّما هو بين الأكثر والأقلّ بشرط « لا » فهو بهذا العنوان يحتمل أن يكون واجبا نفسيا ، والأصل براءة الذمّة عنه ، فلا فرق بين المقام والمتباينين ، فكما أنّ في المتباينين لا يصحّ التعويل بالأصل في تشخيص أحد الأطراف ، فكذا في المقام.
قلت : قد عرفت في أوّل الأمور أنّ الداعي للامتثال ليس إلاّ دفع احتمال العقاب ، والعقاب معلوم في جانب الأقلّ ، للقطع بأنّ ترك الفاتحة ممّا يوجب ترك الكلّ والمأمور به ، وهكذا باقي الأجزاء المعلومة ، فلا بدّ من الإتيان بها ، غاية الأمر عدم العلم بوجوب الأقلّ بشرط « لا » ، وأمّا الأقلّ لا بشرط ، فوجوبه معلوم ، والعقاب على تركه قطعي ، فلا بدّ من الإتيان به وامتثاله ، وعدم العلم بكون العقاب ممّا يترتّب على نفس الأجزاء المعلومة ، أو باعتبار ترك الكلّ لا يجدي في المقام ، لما عرفت من أنّ الاستفصال في أنّ العقاب ممّا يترتّب على أيّ شيء غير معقول بعد ما علم إجمالا.
فإن قلت : إنّ أصالة البراءة عن الأكثر ممّا لا تعويل عليها فيما لو أريد بها إثبات أنّ الأقلّ هو المأمور به لعدم اعتبار الأصول المثبتة ، وممّا لا جدوى فيها فيما لو أريد بها نفي الأكثر فقط من دون تعرّض بأنّ المطلوب هو الأقلّ ؛ إذ لا يصدق الامتثال بدون إتيان الماهية المطلوبة.
قلت : إن أريد من إثبات الأقلّ إثبات مانعية الجزء الزائد ، فغير سديد ، وإن أريد
__________________
(١) « م » : لا بشرطه.