الثاني : أن يتردّد مكلّف واحد بين موضوعين من الموضوعات الشرعية كالخنثى المردّد بين الصنفين بعد العلم بعدم خروجه عنهما ، فالكلام في القسم الأوّل يقع في موارد ؛ فإنّه تارة يتكلّم من حيث أحكام كلّ واحد منهما بالنسبة إلى نفسه ، وأخرى بالنسبة إلى آخر ، ومرّة من حيث أحكام غيرهما بالنسبة إليهما أو أحدهما.
أمّا الكلام بالنسبة إلى الأحكام الراجعة إلى نفسهما ، فالظاهر جريان البراءة في كلّ منهما (١) ، والحكم بالطهارة في المفروض بل قد يقال بنفي الخلاف فيه بعد جهل التكليف ، ولا يلزم من جريانها طرح خطاب تفصيلي.
وأمّا الكلام بالنسبة إلى كلّ منهما مع الآخر كاقتداء أحدهما بالآخر ، فإن قلنا بأنّ الطهارة شرط في الاقتداء واقعا كما هو الظاهر ، فلا يصحّ قطعا ؛ لما عرفت من اعتبار العلم التفصيلي المتولّد من العلم الإجمالي ، وإن قلنا بأنّها من الشروط العلمية ، فيمكن القول بالصحّة وعدم اعتبار العلم حسبما فصّل فيما تقدّم.
وربّما يتوهّم أنّه لو استأجر أحدهما الآخر لقراءة العزائم حتّى يتبعه في القراءة من أمثلة المقام ، وليس كذلك ؛ فإنّ القراءة فيهما راجعة إلى نفسهما ، ولا علقة بين عملهما كالاقتداء.
ولو قيل بأنّ الموجر مثلا يعلم بأنّه إمّا (٢) فاعل للحرام من جهة قراءة نفسه (٣) على تقدير جنابته ، أو استأجر الآخر لعمل يحرم عليه (٤) على تقدير جنابة الآخر ، لكان أوجه إلاّ أنّه أيضا لا وجه له ؛ لعدم الدليل على عدم جواز استيجار الجنب لقراءة العزائم أيضا.
نعم ، لو علم بجنابته واقعا ، يحرم الاستيجار ، وليس المقام منه كما لا يخفى.
ومن هنا يظهر حكم ما لو حمل أحدهما الآخر في دخول المسجد ، فإنّه جائز ، أمّا
__________________
(١) « ل » : كلّ حكم منهما.
(٢) « ل » : يعلم إمّا أنّه.
(٣) « ل » : ـ نفسه.
(٤) « ش » : « محرّم » بدل : « يحرم عليه ».