اضطرّ إلى ترك ما هو معتبر في الواجب الغيري كشرائط الوضوء بناء على غيريتها ، أو أجزائه ، فإن سرى الشكّ إلى وجوب الواجب النفسي الذي ترك ما هو معتبر في مقدّمته ، فلا كلام أيضا في أنّ الأصل البراءة ؛ لعدم الفرق في ذلك بين الاضطرار إلى الجزء ، أو جزئه ، أو الشرط ، أو شرطه ، أو جزء شرطه ، أو شرط جزئه كما لا يخفى ، وإلاّ فيبنى على مسألة جريان البراءة في الواجبات الغيرية كما هو التحقيق ، واختصاصها بالنفسيات كما يراه بعضهم (١) ، وذلك كما إذا علمنا بوجوب الصلاة ولو عند ترك غسل اليد وعدم سقوطه بواسطة فقد جزء الشرط على ما هو ظاهر.
ثمّ إنّ أكثر ورود هذا إنّما هو في العبادات ، وأمّا في المعاملات ، فقد يتّفق أيضا كما في السلف لو تعذّر ذكر تمام الأوصاف ، وفي صيغ العقود عند عدم التمكّن من إحراز بعض الشرائط المعتبرة كالعربية ونحوها ، وحيث ما وقع فالأصل يقضي بالفساد كما في جميع الأحكام الوضعية عند الشكّ في تحقّق أسبابها ، وأمّا ما ذكره بعضهم في صحّة السلف والسلم من عزّة الوجود لو كان المعتبر ذكر تمام الأوصاف ، فهو مبنيّ على الأصل الثانوي كما ستعرفه ، ونظيره ما أفاده ثاني المحقّقين (٢) في بعض إفاداته عند الشكّ في اعتبار العربية حالة العجز عنها.
وربّما يقال في المقام بلزوم الإتيان بالباقي بعد الاضطرار شرعا ، أو عقلا نظرا إلى الاستصحاب ، وبيانه أنّ قبل العجز كان الباقي واجبا ، وبعده نشكّ فيه ، والأصل بقاؤه ، ويتمّ الكلام فيما لو بلغ المكلّف معذورا ؛ لعدم (٣) القول بالفصل ، ولا يمكن القول بالبراءة فيما لو بلغ معذورا ، والاستناد إلى عدم القول بالفصل في الباقي لقوّة الاستصحاب ووروده على ضميمة الآخر إلاّ أنّ وهن هذه الكلمات ممّا لا يكاد يخفى.
__________________
(١) وهو صاحب الفصول وشريف العلماء كما تقدّم.
(٢) انظر جامع المقاصد ٢ : ٢٣٥ و ٢٣٧ و ٢٤٦ و ٣٢١ و ٣٢٢ وج ٤ ، ص ٥٩ وج ٥ ، ص ٤٦ ، ج ٧ ، ص ٣١٣ ، ج ١٢ ، ص ٧٤ و ٧٥ ؛ رسائل المحقّق الكركى ١ : ٦٩ و ٧٠ و ١١٠ و ١٩٩ و ٢٠٤.
(٣) « م » : بعدم.