إجماع الأصحاب على عقابهم لا يحرز الاشتراط عند الشكّ في اشتراط شيء ، لأنّ الإجماع هذا إنّما هو في قبال أبي حنيفة (١) وبعض الأخباريين من أصحابنا (٢) القائلين بعدم عقاب الكافر [ على الفروع ] ولو كان عالما تفصيليا ، فإجماعهم في بيان مطلب آخر لا يمكن استعلام حال الشرائط منه ؛ إذ غاية ما يستفاد منه الحكم بمساواة الكافر للمسلم ، وأمّا لو شكّ في اشتراط أصل التكليف بشيء وعدمه ، فلا بدّ من ملاحظة ذلك لمساواة الكافر للمسلم (٣) في ذلك إلاّ أن يدّعى الإجماع على استحقاق الكافر للعقاب فيما لو استجمع الشرائط المعتبرة في التكليف من الأمور المتّفق عليها غير العلم
__________________
(١) عنه في منتهى المطلب ٢ : ١٨٨ وفي ط الحجري ١ : ٨٢ ؛ مدارك الأحكام ١ : ٢٧٧ و ٧ : ٦٩ ؛ ذخيرة الأحكام ٣ : ٥٦٣ ؛ كشف اللثام ٢ : ٤٢ و ١ : ٨٤ ؛ الحدائق الناضرة ٣ : ٣٩ ؛ جواهر الكلام ٣ : ٣٩.
قال النووي في المجموع فى شرح المهذّب ٣ : ٤ : وأمّا الكافر الأصلي فاتّفق أصحابنا في كتب الفروع على أنّه لا يجب عليه الصلاة والزكاة والصوم والحجّ وغيرها من فروع الإسلام ، وأمّا في كتب الأصول ، فقال جمهورهم هو مخاطب بالفروع كما هو مخاطب بأصل الإيمان. وقيل : لا يخاطب بالفروع. وقيل : يخاطب بالمنهيّ عنه كتحريم الزنى والسرقة والخمر وأشباهها دون المأمور به كالصلاة. والصحيح الأوّل وليس هو مخالفا لقولهم في الفروع ؛ لأنّ المراد هنا غير المراد هناك ، فمرادهم في كتب الفروع أنّهم لا يطالبون بها في الدنيا مع كفرهم ، وإذا أسلم أحدهم ، لم يلزمه قضاء الماضي ، ولم يتعرّضوا لعقوبة الآخرة. ومرادهم في كتب الأصول أنّهم يعذّبون عليها في الآخرة زيادة على عذاب الكفر فيعذّبون عليها وعلى الكفر جميعا لا على الكفر وحده ولم يتعرّضوا للمطالبة في الدنيا ، فذكروا في الأصول حكم أحد الطرفين والفروع حكم الطرف الآخر. والله أعلم.
وكذا قال في المجموع ٥ : ٣٨٧.
(٢) استظهر ذلك البحراني في الحدائق ٣ : ٣٩ من كلام المحدّث الأسترآبادي في الفوائد المدنية وذهب إليه المحدّث الكاشاني في الوافى والصافى كما عنه في الحدائق ٣ : ٤٠ و ٤١. وذهب إليه أيضا المحدّث البحراني في الحدائق ٣ : ٣٩ ـ ٤٢ ، وأجاب عنه النراقي في عوائد الأيّام : ٢٧٩ ـ ٢٩٢ ، عائدة ٣٠ ، وفي ط الحجري ٩٥ ـ ١٠٠.
(٣) سقط قوله : « وأمّا لو شكّ » إلى هنا من نسخة « ج ».