إذا شكّ في أصل وجود المال ، فإنّ البناء فيه على العدم كما عرفت ، فلا بدّ من توجيه لهذه الموارد.
وغاية ما يمكن أن يقال : هو أنّ الخطاب الوارد من الشارع قد يكون معلّقا على أفراد غير محصورين كما إذا أوجب علينا إكرام العلماء وقد يكون معلّقا على أفراد محصورين ، كما إذا أوجب علينا إكرام علماء البلد.
فعلى الأوّل فقد عرفت أنّ المشكوك كونه من العلماء ملحق في الحكم بعدم الوجوب بغير العلماء ؛ لما عرفت من أنّ الحكم بالوجوب ليس بأولى من الحكم بالوجوب (١) ، لاستواء المشكوك بالنسبة إليهما.
وأمّا على الثاني ، فقد يمكن دعوى القول بأنّ العقلاء في أمثال هذه الخطابات ليس بناؤهم على الأخذ بالبراءة بل إنّما يأخذون بها بعد الفحص ، ولعلّه إليه ينظر كلام صاحب المعالم عند دعوى عدم جواز العمل بخبر المجهول من أنّ وجوب التثبّت في الآية متعلّق بوصف الفسق ، ويحتمل كون هذا الرجل فاسقا في الواقع ، ومقتضى ذلك وجوب الفحص عن وجوده وعدمه.
قال : ألا ترى أنّ قول القائل : « أعط كلّ بالغ رشيد من هذه الجماعة [ درهما ] » يقتضي السؤال والفحص عمّن جمع هذين الوصفين لا الاقتصار على من سبق العلم باجتماعهما فيه (٢).
ويحتمل أن يقال : إنّ ذلك إنّما يدور مدار الاهتمام بوقوع المأمور به وعدمه ، والمرجع فيهما (٣) عرض الخطاب على العرف ، فإن حكموا بمجرّد الخطاب على الفحص ، فهو ، وإلاّ فالإجماع على عدم وجوب الفحص في محلّه ، ثمّ (٤) إن طابق ما ذكرنا للموارد المفتى بها بلزوم الفحص ، فهو ، وإلاّ فالمفتي بذلك مطالب بالدليل.
__________________
(١) كذا في النسخ.
(٢) المعالم : ٢٠١.
(٣) « ج » : فيها.
(٤) « س ، ج » : ـ ثمّ.