أصحابنا الرجاليين ، فإنّه كان شيخ الإمامية في زمانه يمنع صدور مثل (١) هذه المقالة منه ، مع وضوح فسادها وظهور كسادها ، فإنّه على تقدير الانسداد ـ كما ادّعاه البعض ـ يجب على الله تعالى نصب أمارة ظنّية ، فكيف لا يجوز العمل بها؟ فإنّه بعد الانسداد ، فإمّا يحكم ببقاء التكليف كما عليه المشهور ، أو لا يحكم كما عليه البعض على ما حكي ، فعلى الأوّل يجب نصب أمارة ظنّية كما عرفت حيث إنّه لطف. وعلى الثاني لا وجه للقول باللازم بعد انتفاء جنس التكليف ، فتعيّن حمل كلامه على صورة الانفتاح ، وعلى تقدير الانفتاح وإمكان الوصول إلى الواقع مع أنّ المطلوب هو الوصول إليه ، فلا شكّ في قبح نصب طريق يتخلّف عنه ولو في وقت ؛ لاستلزامه خلاف الغرض في وجه ، ونقض الغرض في آخر إلاّ أن يكون العمل به من جهة ملاحظة وصف به يصير موضوعا مستقلاّ آخر ذا مصلحة متداركة لما يلزم في بعض صوره من المفسدة المترتّبة على عدم مصادفته للواقع كما إذا لاحظ الشارع احترام العادل ، فقال باعتبار خبره نظرا إلى أنّ التعبّد بخبره فيه مصلحة زائدة على مفسدة تخلّفه عن الواقع ، فعلى هذا التقدير فالواقع أحد الأمرين ، لكنّه لمانع أن يمنع غلبة مصلحة احترام العادل على مصلحة مصادفة (٢) الواقع.
مضافا إلى لزوم التصويب على تقديره ، فظهر ممّا مرّ عدم ورود النقوض المذكورة على المستدلّ.
أمّا الفتوى ، فلأنّ مشروعيتها في حالة الانسداد ، فلا وجه للانتقاض ، وعلى قياسه (٣) القطع فيما إذا تخلّف عن الواقع فإنّ باب العلم بالواقع للقاطع حينئذ منسدّ (٤) ؛ إذ المحتمل قد يحتمل الواقع ولو احتمالا مساويا بل ولو احتمالا مرجوحا بخلاف القاطع حينئذ.
__________________
(١) « ل » : ـ مثل.
(٢) « ش » : مصادفته.
(٣) « ل » : حالة؟
(٤) « ش » : انسدّ.