من أمرك ، وتبيان من شأنك ، فشأنك ، وإلاّ فلا ترو من أمرا أنت في شكّ منه وشبهة » (١). إلى غير ذلك من الأخبار التي لا تحصى كثرة.
وأمّا الإجماع نقلا وتحصيلا فموجود لا مخالف في البين (٢).
قال المحقّق البهبهاني في جملة فائدة من فوائده : أصالة حرمة العمل بالظنّ من البديهيات عند الصبيان والنسوان (٣).
وأمّا العقل : فكلّ من أنصف من نفسه وراجع وجدانه ، يحكم حكما ضروريا ـ لا يدانيه ريبة ولا يعتريه شبهة ـ بحرمة التشريع والبدعة فإنّها فرية بلا مرية. ومن هنا يظهر فساد القول (٤) بأنّ الأصل هو الإباحة ؛ فإنّ أصالة الإباحة فيما لو لم يكن العقل مستقلاّ بإدراك حكمه وقد عرفت استقلاله في الحكم بالحرمة.
فإن قلت : قضيّة ما قرّرنا سابقا اعتبار العلم والإرادة والاختيار فيما يتلوه الأمر والنهي ، فلا يصدق على العمل المزبور أنّه تشريع ما لم يقصد الإدخال في الدين لما ليس منه ، فإنّه عبارة عن إدخال ما ليس من الدين فيه ، فالإدخال في الدين لا يصدق إلاّ عند القصد وهو فرع العلم ولو كان كذلك واقعا ، والمقام ليس منه ، لعدم العلم بأنّ العمل بالظنّ ليس من الدين ، فلا يحرم.
قلت : وممّا لا ينبغي أن لا يرتاب فيه صدق التشريع على العمل المذكور ، وتفصيل الكلام في أقسام التشريع أن يقال : إنّه تارة يعلم بخروج ما أدخل في الدين ، فالمبدع
__________________
(١) الوسائل ٢٧ : ١٥٧ ، باب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، ح ١٠.
(٢) « ل » : فيه في البين.
(٣) قال في الرسائل الأصولية ( رسالة الاجتهاد والأخبار ) : ١٢ : إنّ الأصل عدم حجيّة الظنّ وهو محلّ اتّفاق جميع ارباب المعقول والمنقول ؛ إذ كلّ من قال بحجّية ظنّ في موضع ، قال بدليل أتى به له ، كما لا يخفى على المطّلع. وعنه في مفاتيح الأصول : ٤٥٧.
(٤) القائل به السيّد المحقّق الكاظمي كما عنه في الرسائل ١ : ١٢٨ انظر أيضا مفاتيح الأصول : ٤٥٢. وسيذكره أيضا في ص ٧٣ مع إشكالات أخر عليه.