يدخله فيه بقصد أنّه من الدين تشريعا ، وهذا ممّا لا شكّ في كونه تشريعا وبدعة محرّمة ، والأدلّة المذكورة ناهضة بحرمتها.
وأخرى يدخله فيه مع جهله بالحكم ، فهذا تشريع اسما لا حكما ؛ إذ لا معنى لعقاب الجاهل قبل تقصيره ، لكنّ الكلام في الصغرى كما عرفت من استقلال العقل بقبحه وكونه ظلما ؛ فإنّ حرمة الظلم ممّا لا يجهله عامّة المكلّفين.
ومرّة يدخله مع جهله بالموضوع كأن يدخله في الدين جاهلا بكونه من الدين ، فهناك تحقّق التشريع حقيقة ؛ لأنّ المناط على الواقع في صدق موضوعه وإن لم يتحقّق حكمه وهو الحرمة.
ورابعا يدخل في الدين ما هو منه بقصد أنّه ليس من الدين ، ولا شكّ في كونه تشريعا وافتراء على الله تعالى أيضا عند العقل والعرف بالنسبة إلى التكليف الواقعي بل الظاهري ، فإنّ عند الشكّ لا بدّ من العمل بالأصول المقرّرة في الشريعة في موضوع الشكّ (١).
ويدلّ عليه قوله عليهالسلام في عدّ القضاة الأربعة التي ثلاثة منها في النار : « من قضى بالحقّ وهو لا يدري » وجعله فيه أيضا « من قضى بالجور وهو لا يدري » يدلّ على حرمة القسم الأوّل كما هو ممّا نحن بصدده. هذه تمام الكلام فيما لو كان العمل بالظنّ من جهة التديّن به.
وعلى الثاني كأن لا يكون العمل بالظنّ من حيث التديّن به ، فهو حرام أيضا ؛ فإنّ الشاكّ لا بدّ وأن يعمل بالأصول المقرّرة في الشريعة من الاستصحاب فيما له حالة سابقة ، والبراءة فيما شكّ في التكليف ، والاشتغال فيما شكّ في المكلّف به مع إمكان الجمع ، والتخيير مع عدم إمكانه ، فطرح تلك الأصول محرّم وإن كان لا يسمّى هذا القسم عملا بالظنّ لكن يختصّ حرمته فيما إذا يلزم من العمل بالظنّ (٢) طرح أصل منها ،
__________________
(١) « ل » : ـ الشكّ.
(٢) « ل » : ـ بالظنّ.