وأمّا على ما يراه بعضهم من حجّيتها من جهة إفادتها الوصف (١) ، أو السّببية المقيّدة (٢) ـ كما عليه المحقّق القمّي رحمهالله على ما يظهر منه في بعض مواضع كتابه ـ فلا مناص من القول بأنّ الأصل هو وجوب العمل بالظنّ إمّا عينا أو تخييرا في حالة الانسداد ، فإنّه على ذلك التقدير إذا تعارض الأصل بالظنّ ، فلا يفيد الأصل ظنّا ، فلا يجب العمل به ، وثبوت التكليف إجمالا يوجب العمل بأحدهما ، فإن رجّحنا الظنّ لقربه إلى الواقع ، فيجب العمل به عينا ، وإن لم نقل بالترجيح لكون الظنّ في مرتبة الأصل في الشكّ في الحجّية ، فلا بدّ من التخيير ، ولا فرق فيما ذكر بين الأصول اللفظية والعملية.
فظهر ممّا قرّرنا صحّة ما أفاده المحقّق القمّي رحمهالله في تعريف الاجتهاد من عدم الحاجة إلى إدراج قيد الظنّ فيه حيث قال : وإذ قد عرفت أنّه لا حاجة إلى إدراج قيد الظنّ في تعريف الاجتهاد ، فيظهر أنّ ما يحصل من الاجتهاد قد يكون قطعيا ، وقد يكون ظنّيا ، وكلاهما حجّة على المجتهد ومقلّده.
أمّا الأوّل ، فظاهر.
وأمّا الثاني ، فلأنّ المفروض انسداد باب العلم (٣) ، ولا دليل على حرمة العمل به حينئذ مع بقاء التكليف جزما لو لم ندّع ثبوت الدليل على الجواز (٤).
ويندفع ما أورده عليه بعض الأجلّة (٥) من أنّه لا وجه له أصلا ، فإنّ الوجه فيه ظاهر بعد القول بحجّية الأصول من باب الظنّ ، وأمّا إذا انفتح باب العلم ، وقلنا بعدم كفاية الظنّ في الامتثال ، فيحرم العمل بالظنّ بالمعنيين ، وأمّا على القول بالكفاية ـ كما هو المنقول عن المحقّق الخوانساري والقمّي ـ فلا حرمة في العمل بالظنّ بل هو أحد
__________________
(١) أي الظنّ الفعلي ( هامش « ش » ).
(٢) أي بعدم الظنّ على خلافها ( هامش « ش » ).
(٣) المصدر : + غالبا بالفرض.
(٤) القوانين ٢ : ١٠٠ ، وفيه : على جواز العمل به.
(٥) الفصول : ٣٨٧ ـ ٣٨٨.