الأمور التوقيفية بل هو موكول إلى العقل وهو يستقلّ في وجوب تحصيل العلم وعدم كفاية الظنّ وحرمته (١) ، فلا ترديد بين الأقلّ والأكثر على ما توهّم ، فلا مجرى للقاعدة المزبورة.
وثانيا : أنّ جعل الظنّ أحد طرفي الاحتمال في تحصيل المقدّمة ممّا لا وجه له ؛ فإنّ الواقعة لا تخلو عن أصل ، والعمل بالظنّ فيما يخالفه يكفي في حرمة مخالفته لذلك الأصل ، فلا وجه للاحتمال بعد قطع العقل من هذه الجهة بعدم الامتثال.
ومنها : ما أفاده بعض المعاصرين (٢) من أنّ الأصل في الظنّ عدم الحجّية فإنّها أمر حادث يحتاج وجودها إلى سبق علّتها وهو جعله حجّة ، والأصل عدمه.
وفيه : أنّ الاحتياج في إحراز العدم بالأصل في ترتّب آثار عدم العلم عليه ممنوع ؛ لترتّبه على نفس الشكّ وعدم العلم بالحجّية من غير حاجة إلى إحراز العدم.
وتوضيحه : أنّه يترتّب على عدم حجّية الظنّ آثار شرعية من الحرمة التشريعية وطرح الأصول العملية من غير علم يرتفع به موضوعها ، ويترتّب هذه الآثار على نفس الشكّ في الحجّية كما عرفت ، فلا حاجة (٣) إلى الأصل.
وبوجه أوضح إذا شكّ في حجّية الظنّ ـ كما هو المفروض ـ يصحّ القول بحرمة العمل به للتشريع ، ولقوله (٤) عليهالسلام : « من دان الله بغير سماع من صادق ألزمه الله [ التيه ] يوم القيامة » (٥) وغير ذلك ، ولا يحتاج إلى توسيط أنّ الأصل عدم الحجّية ، فيحرم العمل به للتشريع ، فالتعويل على ما شيّدنا (٦) أركانه إلاّ أنّه أيضا إنّما يستقيم بناء على ما هو التحقيق في الأصول العملية من اعتبارها تعبّدا.
__________________
(١) « ل » : ـ وحرمته.
(٢) « ش » : المتأخّرين.
(٣) إلى الاستناد ( ظ ).
(٤) « ش » : وقوله.
(٥) الوسائل ٢٧ : ٧٥ ، و ١٢٨ ـ ١٢٩ ، باب ٧ و ١٠ من أبواب صفات القاضي ، ح ٣٧ و ١٢ و ١٤ ، وتقدّم في ص ٢٢.
(٦) من أصالة الحرمة ( هامش « ش » ).