مضافا إلى إلغاء احتمال خلاف ذلك في النصوص (١) ، فإنّه سئل عن امرأة أحلّت جاريت [ ها ] لزوجها فأمضاها عليهالسلام ، فقال السائل : فلعلّه لمزاح بينهما ، فأجاب عليهالسلام بعدم اعتبار الاحتمال بخلاف غير المشافه ، فإنّ احتمال إرادة خلاف الظاهر لا ينحصر فيما عرفت دفعه بالإجماع بل يحتمل بواسطة سقوط قرينة وأمثاله ، ولا دليل على اعتبار أصالة عدم القرينة في حقّنا إلاّ من جهة مطلق الظنّ.
لا يقال : إنّ بناء العقلاء في استكشاف مطالبهم على التعويل بالأصول المعمولة في استخراج المراد من الظواهر ، والعلماء الأعلام مطبقون على ذلك.
لأنّا نقول : أمّا بناء العقلاء ، ففيما لم يفد الاطمئنان ، ولا أقلّ من الظنّ الشخصي فغير مسلّم كما عرفت في الوجه الأوّل ، وأمّا عمل العلماء ، فيحتمل أن يكون بواسطة مطلق الظنّ ، فلا دلالة فيه على المدّعى.
والجواب عن كلا الوجهين ما ذكرناه في أدلّة المختار من إثبات حجّية الظواهر منه مطلقا ، فإنّ الإجماع من لدن زمن النبيّ صلىاللهعليهوآله والأئمّة على العمل بها إلى زماننا ، ولم يظهر مخالف في ذلك ، ولذلك نرى عدم عنوان المسألة في كلام القدماء مع العلم الإجمالي بأنّ جملة منها ممّا لا يفيد الظنّ الشخصي فضلا عن الاطمئنان ، واحتمال التعويل عليها من جهة مطلق الظنّ نظرا إلى انسداد باب العلم في تلك الأزمنة ممّا لا يستقيم أصلا في زمن إمكان تحصيل العلم ، مع أنّ أوائل زمن الغيبة كزمن المرتضى على ما ادّعاه زمن انفتاح باب العلم ، فلا وجه للقول بالظنّ المطلق ، فإنّ السيّد كان يستنبط الأحكام من الأدلّة القطعية ، وعدّ منها المتواترات ولا سيّما بعد ملاحظة تحريمهم للعمل بالظنّ المطلق وحصرهم الأدلّة في الأربعة غالبا أو الخمسة بزيادة الاستصحاب عليها كما عن بعضهم.
__________________
(١) الوسائل ٢٠ : ٣٠١ ، باب ٢٤ من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ، ح ٢ ، و ٢١ : ١٢٨ ، باب ٣٢ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، ح ١ و ٣.