قال : فطلع علينا رجل شبيه برجال مصر ، فتقدّم وسلّم على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وجلس ، وقال : يا رسول الله ، إنّي سمعت الله يقول : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) فما هذا الحبل الّذي أمر الله بالاعتصام ولا نتفرّق عنه؟
قال : فأطرق ساعة ، ثمّ رفع رأسه وأشار إلى عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ وقال : هذا حبل الله الّذي من تمسّك به عصم في دنياه ولم يضلّ في أخراه.
قال : فوثب الرّجل إلى عليّ بن أبي طالب واحتضنه (١) من وراء ظهره ، وهو يقول : اعتصمت بحبل الله وحبل رسوله ، ثمّ قام فولّى وخرج. فقام (٢) رجل من النّاس فقال : يا رسول الله ـ صلّى الله عليك وأهلك (٣) ـ ألحقه وأسأله أن يستغفر لي؟
فقال : رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ إذا تجده مرفقا.
قال : فلحقه الرّجل وسأله أن يستغفر له.
فقال له : هل فهمت ما قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وما قلت له؟
قال الرّجل : نعم.
فقال له : إن كنت متمسّكا بذلك الحبل فغفر الله لك ، وإلّا فلا غفر الله لك وتركه ، ومضى.
[وفي تفسير فرات بن إبراهيم الكوفيّ (٤) : قال : حدّثني الحسين بن محمد قال : حدّثنا محمّد بن مروان قال : حدّثنا أبو حفص الأعمش (٥) ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن جدّه ـ عليهم السّلام ـ قال : جاء رجل في صورة (٦) أعرابيّ إلى النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقال : يا رسول الله ، بأبي أنت وأمّي ، ما معنى (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)؟
فقال له النّبيّ : أنا نبيّ الله ، وعليّ بن أبي طالب حبله. فخرج الأعرابي وهو
__________________
(١) المصدر : احتصّه.
(٢) «فولّى وخرج فقام» ليس في المصدر.
(٣) «وأهلك» ليس في المصدر. وفي أ : «وآلك». وهو الظاهر.
(٤) تفسير فرات / ١٤.
(٥) كذا في الأصل. وفي المصدر : «أبو حفض الأعمشى». والظاهر : «أبو حفض الأعشى». ر. تنقيح المقال ، فصل الكنى ، ٣ / ١٣ وجامع الرواة ٢ / ٣٧٩.
(٦) المصدر : هيئة.