وينافيه ظاهر ما سبق في الخبر من قوله : فلمّا بلغت ما يبلغ النّساء من الطّمث.
وأمّا ما رواه العيّاشي (١) في تفسيره ، عن الحكم بن عتيبة (٢) ، قال : سألت أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ عن قول الله في الكتاب ، (إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ). اصطفاها مرّتين ، والاصطفاء إنّما هو مرّة واحدة؟
قال : فقال [لي :] (٣) يا حكم إنّ لهذا تأويلا وتفسيرا.
فقلت له : ففسّره لنا أبقاك الله.
فقال : يعني اصطفاءها (٤) إيّاها أوّلا من ذرّيّة الأنبياء المصطفين المرسلين ، وطهّرها من أن يكون في ولادتها من آبائها وأمّهاتها سفاح (٥) ، واصطفاءها بهذا في القرآن ، (يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي [مَعَ الرَّاكِعِينَ]) (٦) شكرا لله.
فالظّاهر أنّ السّائل قد خفي عليه الاصطفاء الأوّل ، وانحصر الاصطفاء عنده في الثّاني ، وسأل فبيّنه ـ عليه السّلام ـ له ، وسكت عن الثّاني لظهوره عنده.
وفي مجمع البيان (٧) : (وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ) ، أي : عالمي (٨) زمانك ، لأنّ فاطمة بنت رسول الله ـ صلّى الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها ـ سيّدة نساء العالمين.
وهو قول أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ.
وقد (٩) روي عن النّبيّ ، ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنّه قال : فضلّت خديجة على نساء أمّتي كما فضلّت مريم على نساء العالمين.
وقال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ : معنى الآية : واصطفاك من ذرّيّة الأنبياء ، وطهّرك من السّفاح ، واصطفاك لولادة عيسى من غير فحل وزوج.
(يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ) (٤٣)
__________________
(١) تفسير العياشي ١ / ١٧٣ ، ح ٤٧.
(٢) هكذا في أو تفسير نور الثقلين. وفي الأصل ورو المصدر : «غيينة». والظاهر هي خطأ. ر. تنقيح المقال ١ / ٣٥٨ ، ذيل «الحكم بن عتيبة الكوفي الكندي» ، وص ٣٦٠ ، ذيل «الحكم بن عيينة».
(٣) من المصدر.
(٤) النسخ : «اصطفاءه» وهو صحيح ايضا.
(٥) المصدر : سفاحا.
(٦) من أ.
(٧) مجمع البيان ١ / ٤٤٠.
(٨) المصدر : «على نساء» بدل «عالمي».
(٩) «قد» ليس في المصدر. والأحسن وجودها.