محبّة الله ، وما تصفيقه وطربه ونعرته وصعقته إلّا لأنّه تصوّر في نفسه الخبيثة صورة مستملحة معشقة فسمّاها الله بجهله ودعارته ، ثمّ صفّق وطرب ونعر وصعق على تصوّرها ، وربّما رأيت المنيّ قد ملأ إزار ذلك المحبّ عند صعقته ، وحمقى العامّة حواليه قد ملأوا أردانهم بالدّموع لما رقّقهم من حاله. قال :
أحبّ أبا ثروان من حبّ تمره |
|
وأعلم أنّ الرّفق بالجار أرفق |
ووالله لو لا تمره ما حببته |
|
ولا كان أدنى من عبيد ومشرق |
(قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا) : يحتمل المضيّ والمضارعة ، بمعنى ، فإن تتولّوا ، (فَإِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ) (٣٢) : لا يرضى عنهم ، ولا يغفر لهم. ووضع المظهر موضع المضمر لقصد العموم ، والدّلالة على أنّ التّولّي كفر ، وإنّه ينفي محبّة الله ومحبّته مخصوصة بالمؤمنين. وفي الآية مع ما ذكر من الأخبار في بيانها دلالة صريحة على كفر من تولّى عن الولاية ، فتبصّر.
(إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ) :
لمّا أوجب طاعة الرّسول وأولاده الأوصياء (١) ، وبيّن أنّها الجالبة لمحبّته ، عقّب ذلك ببيان مناقب الرّسل وآلهم ، الّذين أوصياء الرّسول منهم ، تحريضا عليه.
(وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ) : وآله إسماعيل وإسحاق وأولادهما ، ودخل فيهم الرّسول ـ صلّى الله عليه وآله ـ وأولاده الأوصياء ـ عليهم السّلام ـ.
في مجمع البيان (٢) : إنّ آل إبراهيم هم آل محمّد الّذين هم أهله ، ويجب أن يكون الّذين اصطفاهم الله مطهّرين معصومين منزّهين عن القبائح ، لأنّه سبحانه لا يختار ولا يصطفي إلّا من كان كذلك ، ويكون ظاهره مثل باطنه في الطّهارة والعصمة. ثمّ قال (٣) : وهو المرويّ عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ.
وفي تفسير العياشي (٤) : عن حنان بن سدير ، عن أبيه ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَعَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ)
__________________
(١) الأصل ور : والأوصياء. وما أثبتناه في المتن موافق أ.
(٢) مجمع البيان ١ / ٤٣٣.
(٣) نفس المصدر والموضع. إلا أنه مرتبط بحديث آخر غير هذا الحديث.
(٤) أ : «وروى» بدل «وفي تفسير العياشي». وفيه ١ / ١٦٨ ، ح ٢٩.