قيل (١) : أمرت بالصّلاة في الجماعة بذكر أركانها ، مبالغة في المحافظة عليها. وقدّم السّجود على الرّكوع ، إمّا لكونه كذلك في شريعتهم ، أو للتّنبيه على أنّ الواو لا توجب التّرتيب ، أو ليقترن اركعي بالرّاكعين للإيذان بأنّ من ليس في صلاتهم ركوع ليسوا مصلّين.
وقيل (٢) : يحتمل أن يكون في زمانها من كان يقوم ويسجد في صلاته ولا يركع ، وفيه من يركع ، فأمرت بأن تركع مع الرّاكعين ، ولا تكون مع من لا يركع.
وقيل (٣) : المراد بالقنوت أداء الطّاعة ، كقوله (٤) : (أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً). وبالسّجود ، الصّلاة ، كقوله (٥) : (وَأَدْبارَ السُّجُودِ). وبالرّكوع ، الخشوع والإخبات.
وفي كتاب علل الشرائع (٦) ، بإسناده إلى أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه قال : إنّما سمّيت فاطمة ـ عليها السّلام ـ محدّثة ، لأنّ الملائكة كانت تهبط من السّماء ، فتناديها كما تنادي مريم بنت عمران ، فتقول : يا فاطمة إنّ الله اصطفاك وطهّرك واصطفاك على نساء العالمين ، يا فاطمة اقنتي لربّك واسجدي واركعي مع الرّاكعين ، فتحدّثهم ويحدّثونها ، فقالت لهم ذات ليلة : أليست المفضّلة على نساء العالمين مريم بنت عمران؟ فقالوا : إنّ مريم كانت سيّدة نساء عالمها ، وإنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ جعلك سيّدة نساء عالمك وعالمها ، وسيّدة نساء الأوّلين والآخرين.
[وفي أصول الكافي (٧) ، بإسناده إلى عليّ بن محمّد الهرمزاني (٨) ، عن أبي عبد الله الحسين بن عليّ ـ عليه السّلام ـ ، قال : لمّا قبضت فاطمة ـ عليها السّلام ـ دفنها أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ سرّا ، وعفا على موضع قبرها. ثمّ قام (٩) فحوّل وجهه إلى قبر
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ١٦٠.
(٢) تفسير الكشاف ١ / ٤٢٩.
(٣) أنوار التنزيل ١ / ١٦٠.
(٤) الزمر / ٣.
(٥) ق / ٤٠.
(٦) علل الشرائع / ١٨٢ ، ح ١.
(٧) الكافي ١ / ٤٥٨ ـ ٤٥٩ ، صدر حديث ٣.
(٨) هكذا في المصدر وفي النسختين الأصل ور : «الهرمزي». والظاهر هي خطأ. ر. تنقيح المقال ٢ / ٣٠٩ ، رقم ٨٥١٥.
(٩) هكذا في المصدر. وفي النسختين الأصل ور : قال.