أمسى فلقى مقداد بن الأسود ، فقال للمقداد ، ما أخرجك في هذه السّاعة؟
قال : الجوع ، والّذي عظّم حقّك يا أمير المؤمنين.
قال : قلت لأبي جعفر ـ عليه السّلام ـ : ورسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ حيّ؟
قال : ورسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ حيّ.
قال : فهو أخرجني ، وقد استقرضت دينارا وسأؤثرك به. فدفعه إليه ، فأقبل فوجد رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ جالسا وفاطمة تصلّي وبينهما شيء مغطّى. فلمّا فرغت أحضرت ذلك الشيء فإذا جفنة من خبز ولحم.
قال : يا فاطمة أنّى لك هذا؟
قالت : هو من عند الله ، إنّ الله يرزق من يشاء بغير حساب.
فقال : رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : ألا أحدثك بمثلك ومثلها؟
قال : بلى.
قال : مثل زكريّا إذا دخل على مريم المحراب فوجد عندها رزقا ، (قالَ : يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا؟ قالَتْ : هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ ، إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ). فأكلوا منها شهرا ، وهي الجفنة الّتي يأكل منها القائم ـ عليه السّلام ـ وهي عندنا.
[وفي شرح الآيات الباهرة (١) :] (٢) نقل الشّيخ أبو جعفر الطّوسي ـ رحمه الله ـ في كتاب مصباح الأنوار ، بحذف الإسناد قال : روي عن أبي سعيد الخدريّ قال : أصبح عليّ ـ عليه السّلام ـ ذات يوم ، فقال لفاطمة ـ عليها السّلام ـ : هل عندك شيء نغتذيه؟
فقالت : لا والّذى أكرم أبي بالنّبوّة وأكرمك بالوصيّة ، ما أصبح الغداة عندي منذ يومين شيء إلّا كنت (٣) أؤثرك به على نفسي وعلى ابني الحسن والحسين.
فقال أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ : يا فاطمة ألا كنت أعلمتني فأبغيكم شيئا.
فقالت : يا أبا الحسن إنّي لأستحي من إلهي أن تكلّف نفسك ما لا تقدر عليه (٤).
__________________
(١) الأصل وأ : اجترت ر : أخبرت وما أثبتناه في المتن موافق المصدر.
(٢) تأويل الآيات الباهرة ، مخطوط / ٣٩ ـ ٤٠.
(٣) النسخ : «إلّا شيء» بدل «منذ يومين شيء إلّا كنت». وما أثبتناه في المتن موافق المصدر.
(٤) هكذا في المصدر. وفي النسخ : به.