قال ابن شداد : لما توفي الملك الصالح سارعوا إلى إعلام عز الدين مسعود بن قطب الدين بذلك وبما جرى له من الوصية إليه وتحليف الناس له ، فسارع سائرا إلى حلب مبادرا خوفا من السلطان ، فكان أول قادم من أمرائه إلى حلب مظفر الدين بن زين الدين وصاحب سروج ، ووصل معهما من حلف الأمراء له ، وكان وصولهم في ثالث شعبان ، وفي العشرين منه وصل عز الدين إلى حلب وصعد القلعة واستولى على خزائنها وذخائرها وتزوج أم الملك الصالح في خامس شوال وعلم أنه لا يمكنه حفظ الشام مع الموصل لحاجته إلى ملازمة الشام لأجل السلطان ، وألح عليه الأمراء في طلب الزيادات ورأوا أنفسهم أنهم قد اختاروه وضاق عطنه ، وكان صاحب أمره مجاهد الدين قايماز وكان ضيق العطن لم يعتد مقاساة أمر الشام ، فرحل من حلب طالب الرقة وخلفه ولده ومظفر الدين بن زين الدين بها ، فأتى الرقة ولقيه أخوه عماد الدين عن قرار بينهما واستقر مقايضة حلب بسنجار ، وحلف عز الدين لأخيه عماد الدين على ذلك في حادي عشرين شوال ، وسار من جانب عماد الدين من تسلم حلب ومن جانب عز الدين من تسلم سنجار. وفي ثالث عشر المحرم سنة ثمان وسبعين صعد عماد الدين إلى قلعة حلب اه.
قال في الروضتين : قال العماد : كان قصد السلطان صلاح الدين إصلاح حال الملك الصالح وأنه القائم مقام أبيه ، فصده عنه مماليكه فأخذت بلاده بلجاجهم ومرضت دولته لسوء علاجهم ، فاقتنع بحلب إلى أن توفي ، ووصل ابن عمه عز الدين مسعود صاحب الموصل إلى حلب فجمع ظاهره وباطنه وأخذ خزائنه ودفائنه وأخلى كنائنه ، ثم عرف أنه لا يستقر بها أمر فرغب أخاه عماد الدين زنكي صاحب سنجار في تعويضها له بحلب فمال إلى بذله ورغب.
ذكر حصر صاحب ماردين قلعة البيرة
ومسير صاحبها مع صلاح الدين
قال ابن الأثير : كانت قلعة البيرة وهي مطلة على الفرات من أرض الجزيرة لشهاب الدين الأرتقي وهو ابن عم قطب الدين إيلغازي بن ألبي بن تمرتاش بن إيلغازي بن أرتق صاحب ماردين ، وكان في طاعة نور الدين محمود بن زنكي صاحب الشام ، فمات