وقبض عليه وحبسه وسرح السلطان سنة تسع وثمانين عساكره مع يونس الدوادار وقردم رأس نوبة وألطنبغا الرماح أمير سلاح وسودون باق من أمراء الألوف ، وأوعز إلى الناصري فأتى وطلب أن يخرج معهم بعساكرهم وإلى إينال اليوسفي من أمراء الألوف بدمشق وساروا جميعا.
وكان يومئذ ملك التتار بما وراء النهر وخراسان تمر من نسب جغطاي قد زحف إلى العراقين وأذربيجان وملك توريز عنوة واستباحها وهو يحاول ملك بغداد ، فسارت هذه العساكر تورّي بغزوه ودفاعه ، حتى إذا بلغوا حلب أتى إليهم الخبر بأن تمر رجع بعساكره لخارج خرج عليه بقاصية ما وراء النهر فرجعت عساكر السلطان إلى جهة سيواس واقتحموا تخومها على حين غفلة من أهلها ، فبادر القاضي إلى إطلاق منطاش لوقته وقد كان أيام حبسه يوسوس إليه بالرجوع عن موالاة السلطان وممالأته ، ولم يزل يفتل له في الذورة والغارب حتى جنح إلى قوله فبعث لأحياء التتر الذين كانوا ببلاد الروم فيئة ابن أريثا بن أول فسار إليهم واستجاشهم على عسكر السلطان وحذرهم استئصال شأفتهم باستئصال ملك ابن أريثا وبلده ، ووصلت العساكر خلال ذلك إلى سيواس فحاصروها أياما وضيقوا عليها وكادت أن تلقى باليد ، ووصل منطاش إثر ذلك بأحياء التتر فقاتلهم العساكر ودافعوهم ونالوا منهم ، وجلا الناصري في هذه الوقائع ، وأدرك العساكر الملل والضجر من طول المقام وبطء الظفر وانقطاع الميرة بتوغلهم في البلاد وبعد الشقة ، فتداعوا للرجوع ودعوا الأمراء إليه فجنح لذلك بعضهم فانكفوا على تعبيتهم ، وسار بعض التتر في اتباعهم فكروا عليهم واستلحموهم وخلصوا إلى بلاد الشام على أحسن حالات الظهور ونية العود ليحسموا علل العدو ويمحوا أثر الفتنة اه.
الزلازل في أنطاكية وحلب
قال الجلال السيوطي في كتابه الصلصلة في الزلزلة : وفي ذي القعدة في سنة تسع وثمانين وسبعمائة زلزلت أنطاكية زلزلة عظيمة ومات تحت الردم خلق كثير.
وقال بعد أسطر : وفي هذه السنة في ربيع الأول زلزلت حلب ست مرات أو أكثر زلزلة شديدة.