منهم أخذه ، فأنفذ الظاهر ميرة وسلاحا إلى حصن له مجاور لبلاد ابن ليون اسمه دربساك ، وأنفذ إلى ميمون ليرسل طائفة من العسكر الذين عنده إلى طريق هذه الذخيرة ليسيروا معها إلى دربساك ، ففعل ذلك وسيّر جماعة كثيرة من عسكره وبقي في قلة ، فبلغ الخبر إلى ابن ليون فجد فوافاه وهو مخف من العسكر ، فقاتله واشتد القتال بينهم ، فأرسل ميمون إلى الظاهر يعرفه وكان بعيدا عنه ، فطالت الحرب بينهم وحمى ميمون نفسه وأثقاله على قلة من المسلمين وكثرة من الأرمن ، فانهزم المسلمون ونال العدو منهم فقتل وأسر ، وكذلك أيضا فعل المسلمون بالأرمن من كثرة القتل ، وظفر الأرمن بأثقال المسلمين فغنموها وساروا بها ، فصادفهم المسلمون الذين كانوا قد ساروا مع الذخائر إلى دربساك فلم يشعروا بالحال ، فلم يرعهم إلا العدو وقد خالطهم ووضع السيف فيهم فاقتتلوا أشد قتال ، ثم انهزم المسلمون أيضا وعاد الأرمن إلى بلادهم بما غنموا واعتصموا بجبالهم وحصونهم اه.
سنة ٦٠٥
قدوم الأشرف إلى حلب متوجها إلى بلاده الشرقية
قال أبو الفدا : في هذه السنة توجه الملك الأشرف موسى بن الملك العادل (ابن عم الظاهر) من دمشق راجعا إلى بلاده الشرقية ، ولما وصل إلى حلب تلقاه صاحبها الملك الظاهر وأنزله في القلعة وبالغ في إكرامه ، وقام للأشرف ولجميع عسكره بجميع ما يحتاجون إليه من الطعام والشراب والحلوى والعلوفات ، وكان يحمل إليه في كل يوم خلعة كاملة وهي غلالة وقباء وسراويل وكمة وفروة وسيف وحصان ومنطقة ومنديل وسكين ودلكش وخمس خلع لأصحابه ، وأقام على ذلك خمسة وعشرين يوما وقدم له تقدمة وهي مائة ألف درهم ومائة بقجة من مائة مملوك. فمنها عشر بقج في كل واحدة منها ثلاثة أثواب أطلس وثوبان خطاي ، وعلى كل بقجة جلد قندس كبير ، ومنها عشر في كل واحدة منها عشرة أثواب عتابي خوارزمي وعلى كل بقجة جلد قندس كبير ، ومنها عشر في كل واحدة خمسة أثواب عتابي بغدادي وموصلي وعليها عشرة جلود قندس صغار ، ومنها عشرون في كل واحدة خمس قطع مرسوسي ودبيقي ، ومنها أربعون في كل واحدة منها خمسة أقبية وخمس كمام ، وحمل إليه خمس حصن عربية بعدتها وعشرين إكديشا وأربعة قطر بغال وخمس بغلات فائقات بالسروج واللجم المكفنة وقطارين من الجمال ، وخلع على أصحابه مائة وخمسين خلعة وقاد إلى أكثرهم بغلات وأكاديش ، ثم سار الأشرف إلى بلاده اه.