استيلاء كتبغا نائب هولاكو على قلعة دمشق
قال ابن خلدون : ثم سار كتبغا إلى قلعة دمشق وهي ممتنعة بعد فحاصرها وافتتحها عنوة وقتل نائبها بدر الدين بربدك وخيّم بمرج دمشق ، وجاءه من ملوك الإفرنج بالساحل ، ووفد عليه الظاهر أخو الناصر صاحب صرخد فرده إلى عمله ، وأوفد عليه المغيث صاحب الكرك ابنه العزيز بطاعته فقبله ورده إلى أبيه ، وبعث كتبغا إلى المظفر قطز صاحب مصر بأن يقيم طاعة هولاكو فضرب أعناق الرسل ونهض إلى الشام.
ذكر هزيمة التتر وقتل كتبغا
قال ابن أياس في تاريخه لمصر المسمى (ببدائع الزهور) : لما وصلت الأخبار إلى الديار المصرية بما فعله هولاكو في بغداد وحلب وباقي البلاد من القتل والنهب والتخريب اضطربت مصر وماجت بأهلها ، ثم إن أميرا من أمراء هولاكو يقال له كتبغا بعد أن استولى على دمشق حضر (١) إلى الملك قطز (صاحب مصر) وصحبته أربعة من التتر ومعهم كتاب من عند هولاكو ، وكان مضمونه : من ملك الملوك شرقا وغربا القان الأعظم ، ونعت فيه نفسه بألفاظ معظمة وذكر في الكتاب شدة سطوته وكثرة عساكره وما جرى على البلاد منه ولا سيما ما فعله في بغداد وما جرى على أهلها منه ، وأرسل يقول : يا أهل مصر أنتم قوم ضعاف فصونوا دماءكم مني ولا تقاتلوني أبدا فتندموا ، وشرع يذكر في كتابه أشياء كثيرة من هذه الألفاظ الفاحشة ، فلما أن سمع الملك المظفر قطز مضمون ما في كتاب هولاكو أحضر الأمراء واستشارهم فيما يكون من أمر هولاكو ، فقال الأمراء : تجمع العساكر من سائر البلاد ونخرج إليه ونقاتله أشد ما يكون من القتال.
ثم إن الملك المظفر نادى في القاهرة النفير العام إلى الغزو في سبيل الله ، ثم إنه عرض العساكر وأرسل خلف عربان الشرقية والغربية فاجتمع من العساكر ما لا يحصى ، ثم إنه أخذ في أسباب جمع الأموال فأخذ من أهل مصر والقاهرة على كل رأس من الناس من ذكر وأنثى دينارا واحدا ، وأخذ من أجرة الأملاك والأوقاف شهرا واحدا ، وأخذ من أغنياء الناس والتجار زكاة أموالهم معجلا ، وأخذ من التركات الأهلية الثلث من المال ، وأخذ على
__________________
(١) الصواب أن كتبغا لم يتوجه بنفسه ولعل الرسول اسمه كتبغا أيضا.