بعساكرنا فإن لهم أول صدمة ثم يولون عن القتال ، فالقان يصبر ساعة فما يبقى قدّامه أحد منهم. فصبر ساعة فكان ما قاله صحيحا ، ولما انكسر عسكر مصر أراد أن يزحف عليهم بما معه من العسكر ، فقلت في نفسي : متى زحف عليهم لم يبق منهم أحد فقلت له : القان يصبر ساعة فإن عسكر مصر لهم حيل وخداع وربما يكون لهم كمين وراء الجبل فيخرج علينا فتنكسر ، فسمع لي ثم وقف ساعة حتى أبعدتم عنا ولم يبق منكم أحد قدامه ، فلو زحف عليكم ما بقي منكم أحد فلو لا أنا ما سلم منكم أحد فكان الأمر كما قيل :
ولو شئت قابلت المسيء بفعله |
|
ولكنني أبقيت للصلح موضعا |
وقد بسط ابن كثير في حوادث هذه السنة ما لاقته دمشق من الفظائع والشدائد.
قال أبو الفداء : وحينما كان قازان بجموعه في البلاد الشامية طمع الأرمن في البلاد التي افتتحها المسلمون منهم وعجز المسلمون عن حفظها فتركها الذين بها من العسكر والرجالة وأخلوها ، فاستولى الأرمن عليها وارتجعوا حموص وتل حمدون وكوبر وسرفندكار والنقير وغيرها ، ولم يبق مع المسلمين من جميع تلك القلاع غير قلعة حجر شغلان واستولى الأرمن على غيرها من الحصون والبلاد التي كانت جنوبي نهر جيحان.
سنة ٧٠٠ سبعمائة
عود التتر إلى بلاد الشام
قال أبو الفداء : في هذه السنة عاودت التتر قصد الشام وعبروا الفرات في ربيع الآخر وجفلت المسلمون منهم وخلت بلاد حلب ، وسار قراسنقر بعسكر حلب إلى حماة ، وبرز زين الدين كتبغا وعساكر حماة إلى ظاهر حماة في الثاني والعشرين من ربيع الآخر من هذه السنة وسادس كانون الأول ، وكذلك وصلت العساكر من دمشق واجتمعوا بحماة وأقامت التتر ببلاد سرمين والمعرة وتيزين والعمق وغيرها ينهبون ويقتلون (١) ،
__________________
(١) قال ابن خطيب الناصرية في ترجمة غازان : لما كان سنة سبعمائة جمع أيضا غازان عسكره وحشد وقدم إلى بلاد الشام فجفل الناس وخلت البلاد الحلبية وأخذ التتار في الإفساد على عادتهم وحاصروا قلعة حلب ولم يحصلوا منها على طائل ولا أخذوها إلا أنهم نهبوا قراها.