ذكر وقعة يغرى وانهزام الفرنج فيها
قال ابن الأثير : في هذه السنة هزم نور الدين محمود بن زنكي الفرنج بمكان اسمه يغرى (هو أرض في العمق) وكانوا قد تجمعوا ليقصدوا أعمال حلب ليغيروا عليها ، فعلم نور الدين فسار إليهم في عسكره فالتقوا بيغرى واقتتلوا قتالا شديدا وأجلت المعركة عن انهزام الفرنج وقتل كثير منهم وأسر جماعة من مقدميهم ولم ينج من ذلك الجمع إلا القليل ، وأرسل من الغنيمة والأسارى إلى أخيه سيف الدين وإلى الخليفة ببغداد وإلى السلطان مسعود وغيرهم.
قال في الروضتين : وفي هذه الوقعة يقول القيسراني من قصيدة أولها :
يا ليت أن الصد مصدود |
|
أو لا فليت النوم مردود |
إلى متى تعرض عن مغرم |
|
في خده للدمع أخدود |
قالوا عيون البيض بيض الظبى |
|
قلت ولكن هذه سود |
يخاف منها وهي في جفنها |
|
والسيف يخشى وهو مغمود |
ثم خرج إلى المدح فقال :
وكيف لا نثني على عيشنا ال |
|
محمود والسلطان محمود |
فليشكر الناس ظلال المنى |
|
إن رواق العدل ممدود |
ونيرات الملك وهاجة |
|
وطالع الدولة مسعود |
وصارم الإسلام لا ينثني |
|
إلا وشلو الكفر مقدود |
مناقب لم تك موجودة |
|
إلا ونور الدين موجود |
مظفر في درعه ضيغم |
|
عليه تاج الملك معقود |
نال المعالي مالكا حاكما |
|
فهو سليمان وداود |
ترتشف الأفواه أسيافه |
|
إن وصاب العز مورود |
وكم له من وقعة يومها |
|
عند ملوك الشرك مشهود |
والقوم إما مرهق صرعة |
|
أو موثق بالقد مشدود |
حتى إذا عادوا إلى مثلها |
|
قالت لهم هيبته عودوا |
طالب بثأر ضمنته الظبى |
|
فكل ما يضمن مردود |