الشام. وفي يوم دخوله دمشق أمر بشنق جماعة من المنتسبين إلى التتر ، وكان من جملتهم حسين الكردي طبر دار الملك الناصر يوسف وهو الذي أوقع الملك الناصر في أيدي التتر. (إلى أن قال) : ثم جهز الملك المظفر قطز عسكرا إلى حلب لحفظها ، ثم فوض نيابة السلطنة بدمشق إلى علم الدين سنجر الحلبي وبحلب إلى الملك السعيد بن بدر الدين لولو صاحب الموصل ، وكان المذكور قد وصل إلى الملك الناصر يوسف صاحب الشام ودخل مع العساكر إلى مصر وصار مع المظفر قطز ، ففوض إليه نيابة السلطنة بحلب ، وكان سببه أن أخاه الملك الصالح بن لولو قد صار صاحب الموصل بعد أبيه ، فولاه حلب ليكاتبه أخوه بأخبار التتر. ولما استقر السعيد المذكور في نيابة حلب سار سيرة رديئة وكان دأبه التحيل على أخذ مال الرعية اه.
ذكر القبض على الملك السعيد علي بن بدر الدين لؤلؤ
صاحب حلب وعود التتر إليها
قال القطب اليونيني في تاريخه ذيل مرآة الزمان : قد أشرنا إلى سوء سيرة الملك السعيد مع الجند والرعية فأجمع رأي الأمراء بحلب على قبضه وإخراجه من حلب وتحالفوا على ذلك وعينوا للقيام بالأمر الأمير حسام الدين الجوكندار العزيزي. فبيناهم على ذلك وردت عليهم بطاقة والي البيرة يخبر أن التتر قد قاربوا البيرة لمحاصرتها واستصرخ بهم لينجدوه بعسكر ، وكان التتر قد هدموا أبراج البيرة وأسوارها وهي مكشوفة من جميع جهاتها ، فجرد الملك السعيد عسكرا إليها وقدم عليهم الأمير سابق الدين أمير مجلس الناصري فحضر الأمراء عنده وقالوا له : هذا العسكر الذي جردته لا يمكنه رد العدو ، ونخاف أن يحصل القتال بيننا وبين العدو وعسكرنا قليل فيصل العدو إلى حلب ويكون ذلك سببا لخروجنا منها ، فلم يقبل فخرجوا من عنده وهم مستاؤون ، وسار العسكر المسير إلى البيرة من حلب ، فلما وصلوا إلى عمق البيرة صادفوا التتر وقتلوا من أصحابه جماعة كثيرة وما سلم منهم إلا القليل. وورد الخبر إلى حلب فجفل أهل حلب إلى جهة القبلة ولم يبق بها إلا القليل من الناس ، وندم الملك السعيد على مخالفته الأمراء فيما أشاروا به عليه وقوي بذلك غضبهم عليه وقاطعوه وباينوه. ووقعت بطاقة من البيرة فيها أن طائفة من التتر توجهوا إلى جهة منبج وهم على عزم كبس العسكر بحلب فانثنى عزم الأمراء عن القبض عليه لئلا يطمع العدو فيهم