بعد نزولهم عليها ، وهذا فتح عظيم ونصر عزيز أنعم الله به على نور الدين والمسلمين مع أن جيشه عامئذ كان منه طائفة كبيرة بمصر مع شيركوه اه.
وقال في حوادث سنة خمس وستين : بلغني أن إماما لنور الدين رأى ليلة رحيل الفرنج عن دمياط في منامه النبي صلىاللهعليهوسلم وقال له : أعلم نور الدين أن الفرنج قد رحلوا عن دمياط في هذه الليلة ، فقال يا رسول الله : ربما لا يصدقني فاذكر لي علامة يعرفها ، فقال : قل له بعلامة ما سجدت على تل حارم وقلت يا رب انصر دينك ولا تنصر محمودا من هو محمود الكلب حتى ينصر ، قال : فانتبهت ونزلت إلى المسجد ، وكان من عادة نور الدين أنه كان ينزل إليه بغلس ولا زال يركع فيه حتى يصلي الصبح ، قال : فتعرضت له فسألني عن أمري فأخبرته بالمنام وذكرت له العلامة إلا أنني لم أذكر لفظة الكلب ، فقال نور الدين : اذكر العلامة كلها ، وألح علي في ذلك فقلتها فبكى رحمهالله وصدق الرؤيا فأرخت تلك الليلة فجاء الخبر برحيل الفرنج بعد ذلك في تلك الليلة اه.
سنة ٥٦٢
عصيان غازي بن حسان صاحب منبج على نور الدين
قال ابن الأثير : في هذه السنة عصى غازي بن حسان المنبجي على نور الدين محمود بن زنكي ، وكان نور الدين قد أقطعه مدينة منبج فامتنع عليه فيها ، فسير عسكرا فحصروه وأخذوها منه ، فأقطعها نور الدين أخاه قطب الدين ينال بن حسان وكان عادلا خيرا محسنا إلى الرعية جميل السيرة ، فبقي فيها إلى أن أخذها منه صلاح الدين يوسف بن أيوب سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة اه.
قال في الروضتين في حوادث سنة ٥٦٣ : كان ابن حسان صاحب منبج قد ساءت أفعاله ، فبعث إليه نور الدين من حاصره وانتزعها منه ثم توجه نور الدين إليها لتهذيب أحوالها. ومدحه العماد الكاتب بقصيدة منها يقول :
بشرى الممالك فتح قلعة منبج |
|
فليهن هذا النصر كل متوج |
أعطيت هذا الفتح مفتاحا به |
|
في الملك يفتح كل باب مرتج |
وافى يبشر بالفتوح وراءه |
|
فانهض إليها بالجيوش وعرج |