وخافوا أن يدخل صلاح الدين ويخرجوا ، قال : فلم يمض غير قليل حتى وصلت كتب صلاح الدين إلى الملك الصالح يهنئه بالملك ويعزيه بأبيه ، وأرسل دنانير مصرية وعليها اسمه ويعرفه أن الخطبة والطاعة له كما كانت لوالده ، فلما سار سيف الدين غازي ابن عمه قطب الدين وملك الديار الجزرية ولم يرسل من مع الملك الصالح من الأمراء إلى صلاح الدين ولا أعلموه الحال كتب إلى الملك الصالح يعتبه حيث لم يعلمه قصد سيف الدين بلاده ليحضر في خدمته ويمنعه ، وكتب إلى الأمراء يقول : إن الملك العادل لو علم أن فيكم من يقوم مقامي أو يثق إليه مثلي ثقته بي ليسلم إليه مصر التي هي أعظم ممالكه وولاياته ، ولو لم يعجل عليه الموت لم يعهد إلى أحد بتربية ولده والقيام بخدمة مولاي وابن مولاي دوني فسوف أصل إلى خدمته وأجازي إنعام والده بخدمة يظهر أثرها وأقابل كلا منكم على سوء صنيعه وإهمال أمر الملك الصالح ومصالحه حتى أخذت بلاده ، فأقام الصالح بدمشق ومعه جماعة من الأمراء لم يمكنوه من المسير إلى حلب لئلا يغلبهم عليه شمس الدين علي بن الداية ، فإنه كان أكبر الأمراء النورية ، وإنما تأخر عن خدمة الملك الصالح بعد وفاة نور الدين لمرض لحقه ، وكان هو وإخوته بحلب وأمرها إليهم وعسكرها معهم في حياة نور الدين وبعده ، ولما عجز عن الحركة أرسل إلى الملك الصالح يدعوه إلى حلب ليمنع البلاد من سيف الدين ابن عمه ، وأرسل إلى الأمراء يقول لهم : إن سيف الدين قد ملك إلى الفرات ولئن لم ترسلوا الملك الصالح إلى حلب حتى يجمع العساكر ويسترد ما أخذ منه وإلا عبر سيف الدين الفرات إلى حلب ولا نقوى على منعه ، فلم يرسلوه ولا مكنوه من قصد حلب.
سنة ٥٧٠
ذكر مجيء الملك الصالح إلى حلب وما جرى من الأمور
قدمنا أن سيف الدين غازي لما أتى إلى البلاد الجزرية كان معه من الأمراء سعد الدين كمشتكين وأن هذا لما بلغه وفاة نور الدين هرب جريدة.
قال في الروضتين : لما هرب سعد الدين سار إلى حلب وتمسك بخدمة شمس الدين ابن الداية وأخوته واستقر بينهم وبينه أن يسير إلى دمشق ويحضر الملك الصالح ، فسار إلى