بلغ السلطان ذلك نادى للعسكر بالعرض. وقوى عزمه على الخروج إلى منطاش ، ولما وصل إلى الشام أقام بها أياما وتوجه إلى حلب.
قال في روض المناظر : وأما منطاش فإنه لما بلغه توجه السلطان هرب نحو الشرق ، ولما قدم السلطان دمشق استصحب معه يلبغا الناصري ، ولما قدم حلب أقام بها شهورا ثم عاد ، وليلة عوده قتل يلبغا الناصري وجماعة من الأمراء بقلعة حلب المحروسة.
قال ابن إياس : كان الذين قتلهم الملك الظاهر برقوق من الأمراء في حلب ثلاثة وعشرين أميرا ، وكان سبب ذلك أن الأمير سالم الدوكاري أمير التركمان أرسل يعرف السلطان بأن يلبغا الناصري أرسل إليه كتابا وهو يقول فيه : خذ منطاش واهرب به إلى بلاد الروم ، فإنه مادام منطاش موجودا فنحن موجودون. ثم إن الأمير سالم الدوكاري أرسل كتاب يلبغا الناصري على يد قاصده ، فلما تحقق السلطان صحة ذلك طلب الأمراء ، فلما حضروا قرأ عليهم كتاب يلبغا الناصري الذي أرسله إلى الأمير سالم الدوكاري. ثم إن السلطان وبخّ يلبغا الناصري بالكلام في ذلك المجلس فلم ينطق بحجة وانعقد لسانه عن الكلام. ثم إن السلطان قبض على يلبغا الناصري وعلى جماعة من الأمراء وسجنهم بقلعة حلب ثم أمر بقتلهم فقتلوا ، ثم رجع إلى الديار المصرية فوصل إليها منتصف المحرم سنة ٧٩٤.
عزل قرادمرداش وتعيين الأمير جلبان
قال ابن الخطيب : دخل الأمير قرادمرداش إلى حلب واستمر بها إلى سنة ثلاث ، فلما جاء برقوق إلى حلب وتوجه إلى القاهرة في ذي الحجة من سنة ثلاث ولى نيابة حلب الأمير جلبان وصحب معه قرادمرداش ثم أمسكه ، وتوفي مقتولا في سنة أربع وتسعين وسبعمائة في ذي الحجة منها ، وكان أميرا كبيرا مهيبا شجاعا عفيفا عن الشرب عفا الله تعالى عنا وعنه.
وقال السخاوي في الضوء اللامع في ترجمة الأمير جلبان : استقر جلبان في نيابة حلب سنة ثلاث وتسعين وجرت له مع التركمان وقعة بالباب انتصر فيها عليهم ثم أخرى مع نعير انتصر فيها أيضا ، ثم قبض عليه أستاذه سنة ست وتسعين وحبسه مدة بالقاهرة ثم أطلقه وجعله أتابكا بدمشق ، ثم كان ممن عصى على ولده الناصر وقام مع تنم فأمسك وقتل بقلعة دمشق صبرا في رجب أو شعبان سنة ٨٠٢ وقد أناف على الثلاثين. وكان