غياث الدين غازي احترق بنار وقعت فيه كان به من الخيم والسلاح وآلات الحرب شيء كثير فاحترق الجميع ولم يسلم من الحريق إلا الجرن المذكور ودفع الله سبحانه عنه النار. وهذا مما يدل على أن الرأس الذي وضع فيه رأس يحيى عليهالسلام لأن النار لم تصل إليه وحمي منها. (ثم قال) : ولما تسلم التتر قلعة حلب صلحا سنة ثمان وخمسين وستمائة في تاسع ربيع الأول أخربوها وأخربوا الجامع المذكور مع أماكن أخر ، ثم لما عادوا ثانيا وجدوا أهل حلب قد بنوا بالقلعة برجا للحمام فأنكروا عليهم بناءه وكملوا هدم القلعة حتى لم يبقوا لها أثرا ، ولما اشتملت عليه من أثر وأحرقوا المقامين (الفوقاني والتحتاني) حريقا لا يمكن جبره وذلك في أحد الربيعين من سنة تسع وخمسين وستمائة ، ولما أحرق المقام الذي هو الجامع عمد سيف الدولة أبو بكر بن إيليا الشحنة بالقلعة المذكورة والناظر على الذخائر وشرف الدين أبو حامد بن النجيب الدمشقي الأصل الحلبي المولد إلى رأس يحيى بن زكريا عليهماالسلام فنقلاه من القلعة إلى المسجد بحلب ودفناه غربي المنبر وقيل شرقيه (الصحيح الأول) وعمل له مقصورة وهو يزار اه.
ذكر نزوح التتر عن حلب ونيابة فخر الدين بها ثم تغلب آقوش البرلي عليها
قال القطب اليونيني : كان الملك الظاهر جهز الأمير فخر الدين الطنبا الحمصي والأمير حسام الدين لاجين العينتابي في عسكر لترحيل التتار عن حلب ، فلما وصلوا غزة كتب الفرنج من عكا إلى التتار يخبرونهم ، فرحلوا عنها في أوائل جمادى الأولى ، فتغلب عليها جماعة من أحداثها وشطارها منهم نجم الدين أبو عبد الله بن المنذر وعلي بن الأنصاري وأبو الفتح ويوسف بن معاني فقتلوا ونهبوا ونالوا أغراضهم ، ثم وصل إليها فخر الدين الحمصي والعينتابي بمن معهما من العسكر فخرجوا هاربين ، ولما دخلها العينتابي صادر أهلها وعذبهم حتى استخرج منهم ألف ألف وستمائة ألف دراهم بيروتية ، وأقام بها إلى أن وصل إليها الأمير شمس الدين اقوش البرلي في جمادى الآخرى فخرج لتلقيه ظنا منه أنه جاء نجدة له ، وكان قد خرج من دمشق هاربا لما استشعر من الملك الظاهر ، فلما دخلها تغلب عليها فخافه فخر الدين الحمصي فأعمل الحيلة في الخلاص منه بأن طلب السفر إلى الملك الظاهر ليستميله إليه فمكنه من الخروج ، فلما توجه أخذ البرلي في