ولما ملك المسلمون صهيون تفرقوا في تلك النواحي فملكوا حصن بلاطينوس وكان من به من الفرنج قد هربوا منه وتركوه خوفا ورعبا ، وملك أيضا حصن العيد وحصن الجماهرتين ، فاتسعت المملكة الإسلامية بتلك الناحية ، إلا أن الطريق إليها من البلاد الإسلامية على عقبة بكسرائيل شاق شديد لأن الطريق السهلة كانت غير مسلوكة لأن بعضها بيد الإسماعيلية وبعضها بيد الفرنج اه.
ذكر فتح بكاس والشّعر وسرمانية
قال القاضي ابن شداد : ثم رحل وسرنا حتى أتينا سادس جمادى الآخرة بكاس ، وهي قلعة حصينة على جانب العاصي ولها نهر يخرج من تحتها ، وكان النزول على شاطىء العاصي ، وصعد السلطان جريدة إلى القلعة ، وهي على جبل يطل على العاصي فأحدق بها من كل جانب وقاتلها قتالا شديدا بالمنجنيقات والزحف المضايق إلى تاسع الشهر ، ويسر الله فتحها عنوة وأسر من فيها بعد قتل من قتل منهم وغنم جميع ما كان فيها ، وكان له قلعة تسمى الشغر وهي في غاية المنعة ليس إليها طريق ، فسلطت عليها المنجنيقات من الجوانب ورأوا أنهم لا ناصر لهم فطلبوا الأمان في الثالث عشر ، وسألوا أن يؤخروا ثلاثة أيام لاستئذان من بأنطاكية فأذن لهم في ذلك. وكان تمام فتحها وصعود العلم السلطاني عليها يوم الجمعة سادس عشر.
ثم عاد السلطان إلى الثقل وسير ولده الملك الظاهر إلى قلعة سرمانية فقاتلها قتالا شديدا وضايقها مضايقة عظيمة وتسلمها يوم الجمعة الثالث والعشرين من الشهر ، فاتفقت فتوحات الساحل من جبلة إلى سرمانية في أيام الجمع وهي علامة قبول دعاء الخطباء المسلمين وسعادة السلطان حيث يسر الله له الفتوح في اليوم الذي يضاعف فيه ثواب الحسنات ، وهذا من نوادر الفتوحات في الجمع المتوالية ولم يتفق مثلها في تاريخ اه.
وقال ابن الأثير : سار صلاح الدين عن صهيون ثالث جمادى الآخرة فوصل إلى قلعة بكاس فرأى الفرنج قد أخلوها وتحصنوا بقلعة الشغر ، فملك قلعة بكاس بغير قتال ، وتقدم إلى قلعة الشغر وهي وبكاس على الطريق السهل المسلوك إلى اللاذقية وجبلة والبلاد التي افتتحها صلاح الدين من بلاد الشام الإسلامية ، فلما نازلها رآها منيعة حصينة لا ترام