فلما دخلها نزل بالقصر الأبلق الذي في الميدان وحكم بين الناس وأقام بالشام أياما ثم رحل عنها وتوجه إلى حلب ، فلما أقام بحلب حضر إليه قاصد من عند ابن عثمان (السلطان بايزيد رحمهالله) وعلى يده مطالعات مضمونها أن يكون هو والسلطان يدا واحدة على دفع العدو الباغي تمرلنك ، فأجابه السلطان إلى ذلك ورد له الجواب عن ذلك بما يطيب خاطره ، ثم حضر إليه قاصد طقتمش خان صاحب بسطام وعلى يده مطالعات تتضمن ما قاله ابن عثمان ، فأجابه السلطان كما أجاب ابن عثمان ، فلما أقام السلطان بحلب بلغه أن جاليش عسكر تمرلنك قد وصل إلى البيرة ، فصار جماعة من عسكر السلطان يعدون تحت الليل من الفرات ويكبسوا عليهم فغنموا من عسكر تمرلنك أشياء كثيرة ، فقيل إن عسكر مصر كانوا ينفخون القرب ويجعلونها تحت بطون الخيل ويعدون من الفرات تحت الليل حتى يقعوا مع عسكر تمرلنك. ثم بلغ السلطان أن تمرلنك رجع إلى بلاده (١) ، ولما تحقق السلطان ذلك قصد الرجوع إلى الديار المصرية ، وكذلك القان أحمد بن أويس رجع إلى بلاده ، ولم يقع بين السلطان وبين الملك الظاهر برقوق قتال في هذه المرة بل رجع كل من الفريقين إلى بلاده.
تعيين الأمير تغري بردي إلى حلب
ثم إن السلطان رجع إلى الشام فأقام بها أياما وخلع على المقر السيفي تغري بردي بن يشبغا واستقر به نائب حلب. ثم قال في حوادث سنة ٧٩٧ : إن السلطان وصل إلى القاهرة ثالث عشر صفر ودخلها في موكب عظيم. وفي روض المناظر : كانت إقامة السلطان بحلب أربعين يوما.
بناء الأمير تغري بردي جامعه في محلة السفّاحية
قال في الدر المنتخب : ومنها جامع تغري بردي نائب حلب ثم دمشق بالقرب من الأسفريس وحارة التركمان ، بناه حين كان نائبا بحلب سنة ست وتسعين وسبعمائة وكان قد أسسه ابن طومان اه.
__________________
(١) أقول : يظهر أن سبب رجوعه استعداد الدولتين المصرية والعثمانية لملاقاته فكان كما يقوله بعض سياسيي العصر : الاستعداد للحرب يمنع الحرب.