وعظم من الضجيج والعويل ما شغلهم عن الصلاة فصلى عليه الناس أرسالا. وكان أول من أمّ بالناس القاضي محيي الدين بن الزكي ، ثم أعيد إلى الدار التي في البستان وكان متمرضا بها ، ودفن في الصفة الغربية منها.
قال في الروضتين ما خلاصته : لما توفي السلطان رحمهالله دفن بالقلعة في منزله ، وما زال الأفضل بن صلاح الدين يتروى موضعا ينقله إليه ، ثم استقرأ حدود الجامع ليجعل التربة فيها فوفق لدار كانت لبعض الصالحين وهي في حد المكان الذي زاده الأجل الفاضل في المسجد ، فاشتراها منه وأمر بعمارتها قبة فعمرت ، ونقل إليها السلطان يوم عاشوراء من سنة اثنتين وتسعين.
ثم قال نقلا عن محمد بن القادسي المؤرّخ : إنه دفن معه سيفه الذي كان معه في الجهاد ، وكان ذلك برأي الفاضل.
ومن كلام بعضهم في وفاة السلطان : أفلت الشمس عند الصباح ، وذهبت روح الدنيا الذي ذهب بذهابها كثير من الأرواح ، وتلك الساعة ظلت لها الألباب حائرة ، وتمثلت فيها السماء مائرة والجبال سائرة ، وأغمد سيف الله الذي كان على أعدائه دائم التجريد ، وخفت الأرض من جبلها الذي كان يمنعها أن تميد ، وأصبح الإسلام وقد فقد ناصره ثاكلا لوحيد ، فهو أعظم فاقد لأعظم فقيد ، وليس أحد من الناس إلا وقد صم عن الخبر وأصيب في سواد القلب والبصر اه.
ترجمته :
هو أبو المظفر يوسف بن أيوب بن شاذي الملقب الملك الناصر صلاح الدين صاحب الديار المصرية والشامية والفراتية واليمنية.
قال ابن خلكان في ترجمته : اتفق أهل التاريخ على أن أباه وأهله من دوين [بضم الدال وكسر الواو] وهي بلدة في آخر عمل أذربيجان من جهة أران وبلاد الكرج وأنهم أكراد روادية [بفتح الراء وكسر الدال] وهي قبيلة كبيرة من الأكراد. وقال لي رجل فقيه عارف بما يقول وهو من أهل دوين : إن على باب دوين قرية يقال لها أجد انقان وجميع أهلها أكراد روادية ، ومولد أيوب والد صلاح الدين بها.