في تحصين حلب وأسوارها لما بلغه أن منطاش ونعيرا قاصداه إلى حلب فجد في ذلك بالرجال والمال ، ثم حضر منطاش ونعير إلى ظاهر حلب فقاتلهم الأمير كمشبغا وأهل حلب معه وقاتلوا معه قتالا شديدا عدة أيام وذلك في رمضان من السنة إلى أن ردهم عنها خائبين ، فلما نزحوا منها واطمأن خاطره اجتهد في تقرير أحوالها وعمارة أسوارها وعمل أبوابها مصفحة بالحديد وبذل همته في ذلك بحيث صار ذلك في أربعين يوما ، وكانت من وقعة هولاكو بحلب خالية من الأبواب مخربة الأسوار إلى أن قيض الله تعالى الأمير كمشبغا فبنى بعض أسوارها وأصلحه وعمل لها أبوابا كما ذكرناه لا خيب الله سعيه.
طلب الأمير كمشبغا إلى مصر وتعيين قرادمرداش بحلب
ثم بعد تمام ما عزم عليه من ذلك طلبه السلطان الملك الظاهر برقوق إلى الديار المصرية واستقر به أتابك العساكر ورفع منزلته ، وكان الأمير كمشبغا المذكور أميرا كبيرا كريما جدا مدبرا وشكلا حسنا عالي الهمة مجتهدا في عمل الخير وإسداء المعروف محسنا إلى الرعية ، ولم يزل أتابك العساكر بالديار المصرية إلى أن حصل عند الملك الظاهر من جهته وحشة وتخيل ممن وشى به إليه ، فأمسكه وجهزه إلى الاعتقال بثغر الإسكندرية في أوائل سنة إحدى وثمانمائة واستمر مقيما كذلك إلى أن توفي به ليلة الأربعاء الثامن والعشرين من شهر رمضان سنة إحدى وثمانمائة وقد جاوز ستين سنة تغمده الله برحمته اه.
قال في روض المناظر : لما طلب الأمير كمشبغا إلى مصر واستقر بها أميرا كبيرا استقر عوضه قرادمرداش بحلب.
سنة ٧٩٣
ذكر استيلاء منطاش على حماة وحمص وبعلبك
ومجيء السلطان الملك الظاهر برقوق إلى حلب
وقتله الأمير يلبغا الناصري
قال ابن إياس ما خلاصته : وفي هذه السنة جاءت الأخبار بأن منطاش قد ملك حماة وحمص وبعلبك ولم يشوش على أحد من أهلها ، فمال إليه الرعية وصاروا يسلمونه المدن من غير قتال ، ثم إن منطاش توجه إلى الشام وحاصر المدينة. (إلى أن قال) : ولما