الحافظ المذكور أصابه فالج وخشي من أولاده وتغلبهم عليه ففعل ذلك لأنه كان ببلاد قريبة إلى حلب لا يمكنهم التعرض إليه اه.
ذكر عيث الخوارزمية في البلاد الحلبية والقتال بينهما
قال أبو الفداء : وفي هذه السنة كثر عيث الخوارزمية القاطنين في بلاد حران وفسادهم بعد مفارقة الملك الصالح أيوب البلاد الشرقية ، وساروا إلى قرب حلب فخرج إليهم عسكر حلب مع الملك المعظم تورانشاه بن صلاح الدين ووقع بينهم القتال فانهزم الحلبيون هزيمة قبيحة وقتل منهم خلق كثير منهم الملك الصالح ابن الملك الأفضل ابن السلطان صلاح الدين ، وأسر مقدم الجيش الملك المعظم المذكور ، واستولى الخوارزميون على أثقال الحلبيين وأسروا منهم عدة كثيرة ، ثم كانوا يقتلون بعضهم ليشتري غيره نفسه منهم بماله فأخذوا بذلك شيئا كثيرا ، ثم نزل الخوارزمية بعد ذلك على حيلان وكثر عيثهم وفسادهم ونهبهم في بلاد حلب ، وجفل أهل الحواضر والبلاد ودخلوا مدينة حلب واستعد أهلها للحصار ، وارتكب الخوارزمية من الفواحش والقتل ما ارتكبه التتر. ثم سارت الخوارزمية إلى منبج وهجموها بالسيف يوم الخميس لتسع بقين من ربيع الأول من هذه السنة وفعلوا من القتل والنهب مثل ما تقدم ذكره ، ثم رجعوا إلى بلادهم وهي حران وما معها بعد أن أخربوا بلد حلب.
ثم إن الخوارزمية رحلوا من حران وقطعوا الفرات من الرقة ووصلوا إلى الجبّول ثم إلى تل عزاز ثم إلى سرمين ثم إلى المعرة وهم ينهبون ما يجدونه ، فإن الناس جفلوا من بين أيديهم ، وكان قد وصل الملك المنصور إبراهيم بن شيركوه صاحب حمص ومعه عسكر من عسكر الصالح إسماعيل المستولي على دمشق نجدة للحلبيين ، فاجتمع الحلبيون مع صاحب حمص المذكور وقصدوا الخوارزمية ، واستمرت الخوارزمية على ما هم عليه من النهب حتى نزلوا على شيزر ونزل عسكر حلب على تل السلطان ، ثم رحلت الخوارزمية إلى جهة حماة ولم يتعرضوا إلى نهب لانتماء صاحبها الملك المظفر إلى الملك الصالح أيوب ، ثم سارت الخوارزمية إلى سلمية ثم إلى الرصافة طالبين الرقة ، وسار عسكر حلب من تل السلطان ولحقتهم العرب فأرمت الخوارزمية ما كان معهم من المكاسب وسيبوا الأسرى ، ووصلت الخوارزمية إلى الفرات في أواخر شعبان في هذه السنة ولحقهم عسكر حلب وصاحب حمص إبراهيم قاطع صفين ، فعمل لهم الخوارزمية ستائر ووقع القتال بينهم إلى الليل فقطع