فاشتبه على ابن الأثير هذه بتلك ، ونحن نذكر أيضا عبارة ابن الأثير في حوادث سنة ٥٥٤ لأن فيها زيادة فوائد على ما تقدم.
قال : في هذه السنة مرض نور الدين محمود بن زنكي صاحب حلب مرضا شديدا أرجف بموته ، وكان بقلعة حلب ومعه أخوه الأصغر أميران (محمد) فجمع الناس وحصر القلعة وشيركوه وهو أكبر أمراء حمص ، فبلغه خبر موته فسار إلى دمشق ليتغلب عليها وبها أخوه نجم الدين أيوب ، فأنكر عليه أيوب ذلك وقال : أهلكتنا والمصلحة أن تعود إلى حلب ، فإن كان نور الدين حيا خدمته في هذا الوقت وإن كان قد مات فإنا في دمشق نفعل ما نريد من ملكها ، فعاد إلى حلب مجدا وصعد القلعة وأجلس نور الدين في شباك يراه الناس وكلمهم ، فلما رأوه حيا تفرقوا عن أخيه أمير أميران فسار إلى حران فملكها ، فلما عوفي نور الدين قصد حران ليخلصها فهرب أخوه منه وترك أولاده بحران في القلعة فملكها نور الدين وسلمها إلى زين الدين علي نائب أخيه قطب الدين صاحب الموصل.
ثم سار نور الدين بعد أخذ حران إلى الرقة وبها أولاد أميرك الجاندار وهو من أعيان الأمراء وقد توفي وبقي أولاده ، فنازلها فشفع جماعة من الأمراء فيهم فغضب من ذلك وقال : هلا شفعتم في أولاد أخي لما أخذت منهم حران وكانت الشفاعة فيهم من أحب الأشياء إلي ، فلم يشفعهم وأخذها منهم اه.
سنة ٥٥٣
ذكر استيلاء الفرنج على حارم
قال في الروضتين : قال الرئيس أبو يعلى : في أوائل المحرم تناصرت الأخبار من ناحية الفرنج المقيمين بالشام بمضايقتهم لحصن حارم ومواظبتهم على رميه بحجارة المجانيق ، إلى أن ضعف وملك بالسيف وتزايد طمعهم في شن الغارات في الأعمال الشامية وإطلاق الأيدي في العيث والفساد في معاقلها وضياعها بحكم تفرق العساكر الإسلامية والخلف الواقع بينهم باشتغال نور الدين بعقابيل المرض العارض له ، ولله المشيئة التي لا تدافع والأقضية التي لا تمانع.