الظاهر يطلب منه قلعة نجم وضمن له أنه يشفع إلى عمه العادل في إعادة ما أخذ منه ، فلم يعطه ، فتهدده بأن يكون إلبا عليه ، ولم تزل الرسل تتردد حتى سلمها إليه في شعبان وطلب منه أن يعوضه قرى أو مالا فلم يفعل ، وهذا من أقبح ما سمع عن ملك يزاحم أخاه في مثل قلعة نجم مع خستها وحقارتها وكثرة بلاده هو وعدمها لأخيه. وأما العادل فإنه لما أخذ سروج ورأس العين من الأفضل أرسل والدته إليه لتسأل في ردهما فلم يشفعها وردها خائبة ، ولقد عوقب البيت الصلاحي بما فعله أبوهم مع البيت الأتابكي ، فإنه لما قصد حصار الموصل سنة ثمانين وخمسمائة أرسل صاحب الموصل والدته وابنة عم نور الدين يسألانه أن يعود فلم يشفعها ، فجرى لأولاده هذا وردت زوجته خائبة كما فعل ، ولما رأى الأفضل عمه وأخاه قد أخذا ما كان بيده أرسل إلى ركن الدين سليمان بن قلج أرسلان صاحب ملطية وقونية وما بينهما من البلاد يبذل له الطاعة وأن يكون في خدمته ويخطب له ببلده ويضرب السكة باسمه ، فأجابه ركن الدين إلى ذلك ، فأرسل له خلعة فلبسها الأفضل وخطب له بسميساط في سنة ستمائة وصار في جملته اه.
سنة ٦٠٠
قال أبو الفدا : في هذه السنة نازل بن لاوون ملك الأرمن أنطاكية ، فتحرك الملك الظاهر صاحب حلب ووصل إلى حارم ، فرحل ابن لاوون من أنطاكية على عقبه اه.
سنة ٦٠٢
ذكر الغارة من ابن ليون على أعمال حلب
قال ابن الأثير : في هذه السنة توالت الغارة من ابن ليون الأرمني صاحب الدروب على ولاية حلب ، فنهب وحرق وأسر وسبى ، فجمع الملك الظاهر غازي بن صلاح الدين يوسف صاحب حلب عساكره واستنجد غيره من الملوك فجمع كثيرا من الفارس والراجل وسار عن حلب نحن ابن ليون ، وكان ابن ليون قد نزل في طرف بلاده مما يلي بلد حلب ، فليس إليه طريق لأن جميع بلاده لا طريق إليها إلا من جبال وعرة ومضايق صعبة ، فلا يقدر غيره على الدخول إليها لا سيما من ناحية حلب ، فإن الطريق منها متعذر جدا ، فنزل الظاهر على خمسة فراسخ من حلب وجعل على مقدمته جماعة من عسكره مع أمير كبير من مماليك أبيه يعرف بميمون القصري ينسب إلى قصر الخلفاء العلويين بمصر ، لأن أباه