عانة والحديثة فما أمكنا المضي خلفه إلى تلك البلاد بغير مرسوم ، فأقمنا بالرحبة ثم رحلنا منها عائدين في مستهل صفر الموافق لثامن حزيران من هذه السنة وسرنا إلى المقر السيفي أرغون الدوادار ، وكان قد سار من سلمية إلى حمص ، فوصلنا إلى حمص في يوم الخميس ثامن صفر من هذه السنة.
ثم إن المقر السيفي رأى أن حماة قريبة وليس بمقامي بعسكر حماة على حمص فائدة فاقتضى رأيه سيري إلى حماة فسرت إليها ودخلتها ثاني عشر صفر. واستمر العسكر مقيمين بحمص ، ثم إن قراسنقر والأفرم طال عليهما الحال وكثر ترداد الرسل إليهما في إطابة خواطرهما وهما لا يزدادان إلا عتوا ونفورا حتى سارا إلى التتر واتصلا بخدابندا في ربيع الأول من هذه السنة وكذلك أيدمر الزردكاش ومن انضم إليهم.
زيادة بيان في حوادث قراسنقر واحتمائه بأمير العرب مهنّا بن عيسى
وقصد هذا حلب وتوجههما مع أمير حمص الأفرم إلى بلاد العراق
قال ابن بطوطة في رحلته : كان قراسنقر من كبار الأمراء وممن حضر قتل الملك الأشرف أخي الملك الناصر وشارك فيه ، ولما تمهّد الملك للملك الناصر وقربه القرار واشتدت أواخي سلطانه جعل يتتبع قتلة أخيه فيقتلهم واحدا واحدا إظهارا للأخذ بثأره وخوفا أن يتجاسروا عليه بما تجاسروا على أخيه ، وكان قراسنقر أمير الأمراء بحلب ، فكتب الملك الناصر إلى جميع الأمراء أن ينفروا بعساكرهم وجعل لهم ميعادا يكون فيه اجتماعهم بحلب ونزولهم عليها حتى يقبضوا عليه ، فلما فعلوا ذلك خاف قراسنقر على نفسه وكان له ثمانمائة مملوك فركب فيهم وخرج على العساكر صباحا فاخترقهم وأعجزهم سبقا ، وكانوا في عشرين ألفا ، وقصد منزل أمير العرب مهنا بن عيسى وهو على مسيرة يومين من حلب ، وكان مهنّا في قنص له فقصد بيته ونزل عن فرسه وألقى العمامة في عنق نفسه ونادى : الجوار يا أمير العرب ، وكانت هناك أم الفضل زوج مهنّا وبنت عمه فقالت : قد أجرناك وأجرنا من معك ، فقال : إنما أطلب أولادي ومالي ، فقالت له : لك ما تحب فانزل في جوارنا ، ففعل ذلك وأتى مهنّا فأحسن نزله وحكمه في ماله فقال : إنما أحب أهلي ومالي