على ما تقدم أولا ، وجاءه تقليد شريف من السلطان باستمراره في نيابة حلب ، فدخلها وأخذ في عمارتها ورمم دار النيابة وسكن بها ، وتراجعت الناس. وأما نائب الشام فإنه مات مبطونا واستقر في نيابة دمشق الأمير تغري بردي.
قال الدحلاني : وفي سنة سبع وثمانمائة كان هلاك تيمور لنك بمدينة أنزار وحملوه إلى سمرقند ودفنوه بها وعمره قد جاوز ثمانين سنة ومدة ملكه نحو ست وثلاثين سنة ، وتملك بعده حفيده خليل بن أمير شاه بن تيمور ومكث قليلا وهلك ، وتفرق ملكهم بأيدي المتغلبين ، وتغلب على بغداد ملوك التركمان إلى أن انتزعها منهم إسماعيل شاه سلطان العجم ، ثم انتزعتها منه الدولة العثمانية ، والبقاء لله وحده ، وبقي لتيمور عقب كان منهم سلاطين في الهند اه.
سنة ٨٠٤
ذكر تولية حلب للأمير دقماق المحمدي
قال ابن إياس : في هذه السنة أرسل السلطان إلى دقماق المحمدي نائب حماة بأن يستقر نائب حلب عوضا عن المقر السيفي دمرداش المحمدي ، ورسم لدمرداش المحمدي بأن يحضر إلى القاهرة لما تقتضيه الآراء الشريفة. (ثم قال) :
وفيها جاءت الأخبار من حلب بأن الأمير دقماق المحمدي لما استقر نائب حلب وتوجه إليها خرج إليه دمرداش نائب حلب وواقع معه واقعة قوية ، فانكسر دمرداش ونهب بركه وهرب إلى ملطية. (وفي تحف الأبناء) أنه قبض عليه وأرسله إلى القاهرة وهو الأصح ، لأنه عيّن سنة خمس لنيابة طرابلس كما في روض المناظر.
قال السخاوي في الضوء اللامع في ترجمة الأمير دقماق : إنه ولي حلب سنة أربع وثمانمائة وهرب منها في سنة ست لما استشعر بالقبض عليه ، فقرر غيره في نيابتها فلم يلبث أن مات ، فعاد دقماق إليها ففرّ منه حاجبها واستنجد بمن ساعده على محاصرته ، فما نهض دقماق لمقاومته لغلبة من معه ، ففرّ إلى جهة التركمان وأرسل يطلب الأمان فأجيب وأعطي نيابة حماة ثانيا إلى أن قتله جكم صبرا بظاهرها في رجب أو شعبان سنة ثمان ونفرت القلوب من قاتله ، وكان أميرا جليلا كريما شجاعا ذا شكالة مليحة وخلق حسن متواضعا قريبا من الناس مع حشمة ورياسة وعدل في الرعية وعفة عن أموالهم ، أنشأ تربة خارج حلب ووقف عليها وقفا.