الشهوات ولم يبق للأمراء والأغنياء في عصرنا الحاضر عناية إلا بتثمير أموالهم والعكوف على ملذاتهم وإنفاق أموالهم في غير ما يرضي الله تعالى وفيما لا يعود بشيء من النفع على الأمة ، فلا تستغرب إذا حل بهم البلاء وأحاط بهم الشقاء (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ). وهذا الأثر العظيم هو البقية الباقية من الآثار القديمة في حلب وهو في حاجة كبرى إلى الترميم في عدة أماكن ، ولعل إدارة الأوقاف تمد له يد الاهتمام والعناية ليحافظ على حالته الحاضرة وتعود إليه بهجته الأولى. والباقي له الآن من الأوقاف أراض عشرية يبلغ ريعها عشرين ليرة عثمانية ذهبا.
ونختم الكلام على هذا المكان بلطيفة ذكرها الصلاح الصفدي في تاريخه الوافي بالوفيات في ترجمة الشيخ كمال الدين محمد بن علي الزملكاني قال : لما توجه إلى قضاء حلب نزل في مكان يعرف بالفردوس ، وكان معه شمس الدين محمد الخياط الشاعر المشهور الدمشقي فأنشده لنفسه وأنشدني من لفظه غير مرة :
يا حاكم الحكام يا من به |
|
قد شرفت رتبته الفاخره |
ومن سقى الشهباء مذ حلّها |
|
بحار علم وندى زاخره |
نزلت في الفردوس فابشر به |
|
دارك في الدنيا وفي الآخره |
اه. وكانت وفاة الزملكاني في سنة ٧٢٧ وله في فوات الوفيات ترجمة حافلة.
سنة ٦٤١
قال أبو الفرج الملطي في تاريخه مختصر الدول : في سنة إحدى وأربعين غزا يساورنوين الشام ووصل إلى موضع يسمى حيلان على باب حلب وعاد عنها لحفى أصاب خيول المغول ، واجتاز بملطية وخرب بلدها ورعى غلاتها وبساتينها وكرومها وأخذ منها أموالا عظيمة حتى خشل النساء وصلبان البيع ووجوه الأناجيل وآنية القداس المصوغة بالذهب والفضة ، ثم رحل عنها اه.
سنة ٦٤٤
ذكر محاصرة الخوارزمية دمشق ثم اقتتالهم
مع العساكر الحلبية عند بحيرة حمص وانكسارهم وتشتت شملهم
ذكر الصلاح الصفدي في تاريخه المرتب على السنين في حوادث سنة ٦٤٣ أن في هذه السنة حضر معين الدين ابن الشيخ (أحد الأمراء) والخوارزمية إلى دمشق وحاصروها