على والدتي وألقيت الرأس بين يديها وحدثتها الحال ، فقالت : يا بني تجهز للخروج من شيزر فو الله لا يمكنك عمك من المقام ولا أحدا من إخوتك وأنتم على هذه الحال من الإقدام والجرأة.
فلما كان الغد أمر عمي بإخراجنا من عنده وألزمنا به إلزاما لا مهلة فيه فتفرقنا في البلاد ، فقصدوا الملك العادل نور الدين وشكوا إليه ما لقوا من عمهم فلم يمكنه قصده ولا الأخذ بثأرهم وإعادتهم إلى أوطانهم لاشتغاله بجهاد الفرنج ولخوفه من أن تسلم شيزر إلى الفرنج ، وبقي في نفسه.
وتوفي الأمير سلطان وولي بعده أولاده فبلغ نور الدين عنهم مراسلة الفرنج فاشتد ما في نفسه وهو ينتظر الفرصة ، فلما خربت القلعة بالزلزلة ولم يسلم منها أحد كان بالحصن فبادر إليها وملكها وأضافها إلى بلاده وعمرها وأسوارها وأعادها كأن لم تخرب ، وكذلك فعل بمدينة حماة وكل ما خرب بالشام بهذه الزلزلة فعادت البلاد كأحسن ما كانت.
ذكر وصول ولد السلطان مسعود للنزول على أنطاكية
ومجيء العادل نور الدين إلى حلب ومرضه وما جرى بسبب ذلك
قال في الروضتين : قال الرئيس أبو يعلى : وفي العشر الثاني من جمادى الآخرة تواصلت الأخبار بوصول ولد السلطان مسعود في خلق كثير للنزول على أنطاكية ، وأوجبت الصورة تقرير المهادنة بين نور الدين وملك الفرنج وتكررت المراسلات بينهما والاقتراحات والمشاجرات بحيث فسد الأمر ولم يستقر على مصلحة. ووصل نور الدين إلى مقر عزه في بعض عسكره وأقر باقيه ومقدميه مع العرب بإزاء أعمال المشركين.
قال : وفي ثالث رجب توجه نور الدين إلى ناحية حلب وأعمالها لتجديد مشاهدتها وإمعان النظر في حمايتها عند ما عاث المشركون فيها وقربت عساكر ابن مسعود منها. قال بعد ذلك : وقد تقدم من ذكر نور الدين ونهوضه في عساكره من دمشق إلى بلاد الشام