زيادة بيان لحوادث الزلازل في هذه السنة
قال المقريزي في كتاب السلوك في حوادث هذه السنة : وقدم البريد بمحضر ثابت عند قضاة حلب يتضمن أنه لما كان يوم السبت سادس شعبان إذا برعد وبرق وأعقبه زلزلة عظيمة سمع حسها من نصف ميل عن حلب ، وهو حس مزعج يرجف القلوب ، فهدم من القلعة اثنان وثلاثون برجا سوى البيوت ، وهدم من قلعة البيرة أكثر من نصفها ، وكذلك من قلعة عين تاب وقلعة الراوندان وبهسنا وبلاد منبج وقلعة المسلمين [قلعة الروم] فخرج أهل حلب إلى ظاهرها وضربوا الخيم وغلقت سائر أسواقها ، وفي كل ساعة يسمع دوي جديد ، ثم إنهم تجمعوا عن آخرهم وكشفوا رؤوسهم ومعهم أطفالهم والمصاحف مرفوعة وهم يضجون بالدعاء والابتهال إلى الله تعالى برفع هذا المقت ، وأقاموا على ذلك اياما إلى خامس عشر منه حتى رفع الله عنهم ذلك بعد ما هلك بتلك البلاد تحت الردم خلائق لا يحصيها إلا خالقها ، فكتب بتجديد ما هدم من القلاع من الأموال الديوانية.
قال في روض المناظر بعد أن ذكر حصول الزلازل بمصر وببلاد الشام ، وأنشد :
زلزلت الأرض بنا زلزالها |
|
وقال كل من عليها ما لها |
فقلت إذ فروا إلى صحرائها |
|
قد أخرجت أرضكم أثقالها |
وفي شهر رمضان وصل إلى حلب قاضي القضاة نور الدين محمد بن الصائغ على قضاء الشافعية ، وهو عفيف حسن السيرة عابد.
وفي شوال حاصر يلبغا النائب بحلب زين الدين قراجا بن دلغادر التركمان بجبل الدلدل وهو عسر إلى جانب جيحان ، فاعتصم منه بالجبل وقتل في العسكر وأسر وجرح وما نالوا منه طائلا ، فكبر قدره بذلك واشتهر اسمه وعظم على الناس شره ، وكانت هذه حركة رديئة من يلبغا.
وقال المقريزي في كتاب السلوك في بيان هذه الحادثة : وفيها جرد الأمير يلبغا اليحياوي نائب حلب عسكرا لقتال ابن دلغادر ، فلقيهم وكسرهم كسرة قبيحة ، فركب يلبغا بعساكر حلب وسار إليه ففر منه على جبل وترك أثقاله فنهبها العسكر وقتلوا كثيرا من تركمانه وظفروا ببعض حرمه ، وتبعوه إلى الجبل وصعدوه فقاتلهم ابن دلغادر وجرح أكثرهم ، وأصيب فرس الأمير يلبغا بسهم قتله وتقنطر عنه وأخذ صنجقه ومن أسروه من حريمه وما