سنة ٦٥٧
ذكر سلطنة قطز وتوجه الكمال بن العديم إلى مصر
رسولا من طرف الملك الناصر يوسف يستنجده على التتر
قال أبو الفداء : في أواخر هذه السنة قبض سيف الدين قطز على ولد أستاذه الملك المنصور نور الدين علي بن المعز أيبك وخلعه من السلطنة ، وكان علم الدين الغتمي وسيف الدين بهادر وهما من كبار المعزية غائبين في رمي البندق ، فانتهز قطز الفرصة في غيبتهما وفعل ذلك ، ولما قدم الغتمي وبهادر المذكوران قبض عليهما قطز أيضا واستقر قطز في ملك الديار المصرية وتلقب بالملك المظفر. وكان رسول الملك الناصر يوسف صاحب الشام وهو كمال الدين المعروف بابن العديم قد قدم إلى مصر في أيام الملك المنصور علي بن أيبك مستنجدا على التتر ، واتفق خلع المذكور وولاية قطز بحضرة كمال الدين بن العديم ، ولما استقر قطز في السلطنة أعاد جواب الملك الناصر يوسف أنه ينجده ولا يقعد عن نصرته ، وعاد ابن العديم بذلك اه.
وقال ابن كثير في حوادث هذه السنة : فيها قدم القاضي الوزير كمال الدين عمر ابن أبي جرادة المعروف با بن العديم إلى الديار المصرية رسولا من صاحب دمشق الناصر بن العزيز يستنجد المصريين على قتال التتار بأنهم قد اقترب قدومهم إلى الشام وقد استولوا على بلاد الجزيرة وحران وغيرها في هذه السنة ، وقد جاز أشموط بن هولاكو الفرات واقترب من مدينة حلب ، فعقد عند ذلك مجلس بالديار المصرية بين يدي المنصور بن المعز التركماني وحضر قاضي الديار المصرية بدر الدين السنجاري والشيخ عز الدين بن عبد السلام وأفاضوا في الكلام فيما يتعلق بأخذ شيء من أموال العامة لمساعدة الجند ، وكان العمدة على ما يقوله ابن عبد السلام ، فكان حاصله إذا لم يبق في بيت المال شيء وأنفقتم الحوائص الذهب وغيرها من الزينة وتساويتم أنتم والعامة في الملابس سوى آلات الحرب ولم يبق للجندي سوى فرسه التي يركبها ساغ للحاكم حينئذ أخذ شيء من أموال الناس في دفع الأعداء عنهم ، لأنه إذا دهم العدو وجب على الناس كافة أن يدفعوهم بأموالهم وأنفسهم