سنة ٥٧١
الحرب بين السلطان صلاح الدين
وبين سيف الدين غازي صاحب الموصل
وانهزام هذا منه واستيلاء الصلاح على منبج
ثم أعزاز ثم محاصرته لحلب والصلح بينه وبين
الملك الصالح إسماعيل بن نور الدين
وإهداؤه أعزاز إلى ابنة نور الدين
قال في الروضتين في حوادث هذه السنة : قد سبق ذكر الصلح الذي جرى بين السلطان والحلبيين ، فلما سمع المواصلة عتبوا عليهم ووبخوهم ونسبوهم إلى العجلة في ذلك وسلوك غير طريق الحزم فحملوهم على النقض والنكث وأنفذوا من أخذ عليهم المواثيق ، وتوجه ذلك الرسول منهم إلى دمشق ليأخذ للمواصلة من السلطان عهده ويكشف أيضا ما عنده ، فلما خلا به طالبه السلطان بنسخة الرأي فغلط وأخرج من كمه نسخة يمين الحلبيين لهم وناولها إياه ، فتأملها وأخفى سره وما أبداه ، واطلع على ما اتفقوا عليه وردها إليه وقال : لعلها قد تبدلت ، فعرف الرسول أنه قد غلط ولم يمكنه تلافي ما فرط. وقال السلطان : كيف حلف الحلبيون للمواصلة ومن شرط أيمانهم أنهم لا يعتمدون أمرا إلا بمراجعتهم لنا واستئذانهم؟ وعرف من ذلك اليوم أن العهد منقوض والوفاء مرفوض ، وشاع الخبر عن المواصلة بالخروج في الربيع فكتب السلطان إلى أخيه العادل وهو نائبه بمصر يعلمه بذلك ويأمره أن يأمر العساكر بالاستعداد للخروج في شعبان. قلت : وفي كتاب فاضلي جليل إلى بغداد عن السلطان : يطالع بأن الحلبيين والموصليين لما وضعوا السلاح وخفضوا الجناح اقتصرنا بعد أن كانت البلاد في أيدينا على استخدام عسكر الحلبيين في البيكارات إلى الكفر وعرضنا عليهم الأمانة فحملوها والأيمان فبذلوها ، وسار رسولنا وحلف صاحب الموصل بمحضر من فقهاء بلده وأمراء مشهده يمينا جعل الله فيها حكما وضيق في نكثها المجال على من كان حنيفا مسلما ، وعاد رسوله ليسمع منا اليمين ، فلما حضر وأحضر نسختها أومأ بيده ليخرجها فأخرج نسخة يمين كانت بين الموصليين والحلبيين