بالحرب وقيامها ، فلما رأوا الناس في الكر والضرب الهبر حملوا جميعا بعد أن افترقوا في الميمنة والميسرة فصدموا عسكر الموصل صدمة ضعضعتهم ، وكان السلطان في هذه المدة قد كاتب جماعة من عسكرهم واستفسدهم إليه وحمل إليهم الأموال ، وهذا هو الذي أبطأ بهم إلى أن وصلت عساكره ، وإلا فلو كان عسكر حلب نصح لم يقدر السلطان على الثبوت ساعة ، فلما اشتد القتال لم ينصح الجماعة التي كاتبها السلطان بل كانوا مثبطين مخوفين لمن قرب منهم ، ثم إنهم بعد ذلك انهزموا وتبعهم عسكر السلطان واستباحوا أموالهم وخيامهم ، وأمر السلطان أصحابه أن لا يوغلوا في طلبهم ولا يقتلوا من رأوه منهزما ولا يدففوا على جريح ، ورحل حتى نزل في منزلتهم ، ثم سار من وقته مجدا حتى نزل بمرج قرا حصار ولم يزل هناك حتى عيّد عيد الفطر ، فجاءته رسل الملك الصالح يسألونه المهادنة وأن يقر الملك الصالح على ما في يده وما هو جار تحت حكمه من الشام الأسفل إلى بلد حماة ، فلم يرض بذلك ، فجعلوا له مع حماة المعرة وكفر طاب ، فرضي بذلك وحلف على نسخة رأيتها وعليها خطه قال : وكان في جملة اليمين أنه متى قصد الملك الصالح عدو حضر بنفسه وجيوشه ودافع عنه وأن لا يغير الدعاء له من جميع منابر البلاد التي تحت يد السلطان وولايته وولاية أصحابه ، وأن تكون السكة باسمه. ولما حلف السلطان والملك الصالح وأمراؤه عاد السلطان قاصدا دمشق ، فلما وصل إلى حماة وصلت إليه رسل الخليفة المستضيء ومعهم التشريفات الجليلة والأعلام السود وتوقيع من الديوان بالسلطنة ببلاد مصر والشام. وفي هذه الخلع يقول ابن سعدان الحلبي :
يا أيها الملك الغزير فضله |
|
لقد غدوت بالعلى مليا |
كفى أمير المؤمنين شرفا |
|
أنك أصبحت له وليا |
طارحك الود على شحط النوى |
|
فكنت ذاك الصادق الوفيا |
أولاك من لباسه زخرفة |
|
لم يولها قبلك آدميا |
ناسبت الروض سنا وبهجة |
|
حتى حكته رونقا وريا |