المضروبة من الديار المصرية إلى الحجاز واليمن وغيرهما من الأقاليم متجرا. ويوشك إن دام هذا أن تنفد الفلوس من الديار المصرية ولا يوجد ما يتعامل به الناس.
وأما غير المطبوعة فنحاس مكسر من الأحمر والأصفر ويعبر عنها بالعتق ، وكانت في الزمن الأول كل زنة رطل منها بالمصري بدرهمين من النقرة ، فلما عملت الفلوس الجدد المتقدمة الذكر استقر كل رطل منها بدرهم ونصف وهي على ذلك إلى الآن. قلت : ثم نفدت هذه الفلوس من الديار المصرية لغلو النحاس وصار مهما وجد من النحاس المكسور خلط بالفلوس الجدد وراج معها على مثل وزنها اه.
تتمة لهذا البحث وذكر ما كان يتعامل به الناس في الديار المصرية والشامية
من سنة ٥٦٩ إلى القرن التاسع
قال العلامة المقريزي في رسالته (النقود الإسلامية) : لما زالت الدولة الفاطمية بدخول الفرس الشام ومصر على يد الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب في سنة تسع وستين وخمسمائة قررت السكة بالقاهرة باسم المرتضي بأمر الله (الخليفة العباسي) وباسم الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي صاحب بلاد الشام ، فرسم اسم كل منهما في وجه. ثم لما استبد الملك صلاح الدين بعد موت الملك العادل نور الدين أمر في شوال سنة ٥٨٣ بأن تبطل نقود مصر وضرب الدينار ذهبا مصريا وأبطل الدرهم الأسود وضرب الدراهم الناصرية وجعلها من فضة خالصة ومن نحاس نصفين بالسوي ، فاستمر ذلك بمصر والشام إلى أن ملك الملك الكامل ناصر الدين محمد بن العادل أبي بكر محمد بن أيوب فأبطل الدرهم الناصري وأمر في ذي القعدة من سنة ٦٢٢ بضرب دراهم مستديرة. وتقدم أنه لا يتعامل الناس بالدراهم المصرية العتق وهي التي تعرف في مصر والإسكندرية بالزيوف وجعل الدرهم الكامل ثلاثة أثلاث ثلثاه من فضة وثلثه من نحاس ، فاستمر ذلك بمصر والشام مدة أيام ملوك بني أيوب ، فلما انقرضوا وقامت الأتراك من بعدهم أبقوا سائر شعائرهم واقتدوا بهم في جميع أحوالهم وأقرّوا نقدهم على حاله من أجل أنهم كانوا يفتخرون بالانتماء إليهم ، حتى إني شاهدت المراسيم التي كانت تصدر عن الملك المنصور قلاوون وفيها بعد البسملة الملكي الصالحي ، وتحت ذلك بخطه قلاوون ، فلما ولى الملك الظاهر ركن الدين بيبرس البندقداري الصالحي النجمي وكان من أعظم ملوك الإسلام وممن يتعين