ذكر مجيء الخلع من الخليفة إلى السلطان صلاح الدين
ونزول عسكر الموصل على إربل
قال القاضي ابن شداد في السيرة الصلاحية : في شهر جمادى الآخرة وصل رسول الخليفة ومعه الخلع فلبسها السلطان وألبس أخاه الملك العادل (كان عنده بدمشق) وابن أسد الدين خلعا جاءت لهم. وفي الرابع عشر من هذا الشهر خلع السلطان خلعة الخليفة على ابن قره أرسلان وأعطاه دستورا وأعطاه العساكر.
وفي هذا التاريخ وصلت رسل ابن زين الدين مستصرخا إلى السلطان يخبر أن عسكر الموصل وعسكر قزل نزلوا مع مجاهد الدين قايماز على إربل وأنهم نهبوا وأحرقوا وأنه نصر عليهم وكسرهم.
سنة ٥٨١
ذكر مجيء السلطان إلى حلب وتوجهه إلى حران
ثم قصده نواحي الموصل
قال القاضي ابن شداد : ولما سمع السلطان ذلك رحل من دمشق يطلب البلاد ، وتقدم إلى العساكر فتبعته وسار حتى أتى حران على طريق البيرة ، والتقى مع مظفر الدين بالبيرة في الثاني عشر من محرم سنة إحدى وثمانين ، وتقدم السلطان إلى سيف الدين المشطوب أن يسير في مقدمة العساكر إلى رأس العين ، ووصل السلطان إلى حران الثاني والعشرين من صفر ، وفي السادس والعشرين منه قبض على مظفر الدين بن زين الدين لشيء كان قد جرى منه وحديث كان بلغه عنه رسوله ولم يقف عليه وأنكره ، فأخذ منه قلعة حران والرها ، ثم أقام في الاعتقال تأديبا إلى مستهل ربيع الأول ، ثم خلع عليه وطيب قلبه وأعاد إليه قلعة حران وبلاده التي كانت بيده وأعاده إلى قانونه في الإكرام والاحترام ، ولم يتخلف له سوى قلعة الرها ووعده بها. ثم رحل السلطان ثاني ربيع الأول إلى رأس العين ووصله في ذلك رسول قليج أرسلان يخبره أن ملوك الشرق بأسرهم قد اتفقت كلمتهم على قصد السلطان إن لم يعد عن الموصل وماردين وأنهم على ضرب المصاف معه إن أصر على ذلك ، فرحل السلطان يطلب دنيسر فوصله ثامن ربيع الأول عماد الدين بن قره أرسلان