قال ثمة : وقد أعيا الملك الناصر قتله وبعث إليه كثيرا من الفداوية فصانه الله منهم بحيث قتل من الفداوية بسببه مائة وأربعة عشر فداويا ، ولما بلغ السلطان موته قال : والله ما كنت أشتهي موته إلا من تحت سيفي وأكون قد قدرت عليه وبلغت مقصودي ، ولكن الأجل حصين. وكانت له مع الفداوية أخبار طويلة ذكر منها المقريزي ما يطول به الكلام فاكتفينا بما نقلناه لك عن ابن بطوطة.
تولية حلب لسيف الدين سودي وقصد التتار الرحبة
قال أبو الفداء : وفي هذه السنة قرر السلطان سيف الدين سودي الجمدار الأشرفي ثم الناصري في نيابة السلطنة بحلب المحروسة موضع قراسنقر ، فوصل سودي إلى حلب في ثامن ربيع الأول من هذه السنة واستقر في نيابة السلطنة بحلب.
مجيء التتر إلى الرحبة وتجريد العساكر إلى حلب
قال أبو الفداء : في يوم السبت سابع عشر رجب خرجت بعساكر حماة ودخلت حلب في يوم السبت الآخر الرابع والعشرين من رجب وأقمت بها ، وكان النائب بها الأمير سيف الدين سودي ، ثم وصل بعض عسكر دمشق مع سيف الدين بهادراص وقويت أخبار التتر وجفل أهل حلب وبلادها ، ثم وصلت التتر إلى بلاد سيس وكذلك وصلوا إلى الفرات ، فعندها رحل الأمير سيف الدين سودي وجميع العساكر المجردة من حلب ثامن رمضان ووصلنا إلى حماة سابع عشر رمضان وكان خدابندا نازل الرحبة بجموع المغل (التتر) في آخر شعبان من هذه السنة الموافق لأواخر كانون الأول ، وقام سيف الدين سودي بعسكر حلب وغيره من العساكر المجردة بظاهر حلب ونزل بعضهم في الخانات ، وكان البرد شديدا والجفال قد ملؤوا المدينة ، واستمرينا مقيمين بحماة وكشافتنا تصل إلى عرض والسخنة وتعود إلينا بأخبار المخذول.
واستمر خدابندا محاصرا للرحبة وأقام عليها المجانيق وأخذ فيها النقوب ومعه قراسنقر والأفرم ومن معهما ، وكانا قد أطمعا خدابندا أنه ربما يسلم إليه النائب بالرحبة قلعة الرحبة وهو بدر الدين بن أركشي الكردي ، لأن الأفرم هو الذي كان قد سعى للمذكور في نيابة السلطنة بالرحبة وأخذ له إمرة الطبلخاناة ، فطمع الأفرم بسبب تقدم إحسانه إلى المذكور أن يسلم إليه الرحبة ، وحفظ المذكور دينه وما في عنقه من الأيمان للسلطان وقام بحفظ